هيئة التحقيق والادعاء العام .. ضمانة لحرية الأفراد
صفحة 1 من اصل 1
هيئة التحقيق والادعاء العام .. ضمانة لحرية الأفراد
عندما انتقد مجلس الشورى أداء هيئة التحقيق والادعاء العام إنما اقتصر على مناقشة تقرير أداء الجهاز الذي ناقشه المجلس معتمداً على ما ورد فيه من معلومات دون أن يخرج عن إطاره ومضمونه, ولكن أهل الاختصاص ممن خبروا أصول التحقيق الجنائي وضمانات المتهمين, خصوصاً تجاه أصعب الإجراءات, وهو التوقيف الاحتياطي, يؤكدون أن هناك توسعاً في تطبيق إجراء التوقيف الاحتياطي رغم أن تعميم وزير الداخلية بتحديد الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف قد فرق بين الجرائم الكبيرة وغيرها, حيث يكون التوقيف وجوبياً في الجرائم الكبيرة فقط, أما ما عداها فإنه لا يتم اللجوء إليه إلا في أضيق الأحوال مثل عدم وجود كفيل حضوري أو عدم استجابة المتهم للحضور عندما يطلب منه, أو وجود تأثير سلبي في سير التحقيق وتطبيق العدالة والالتزام بسلامة أمن الأطراف في القضية.
ومع أن تعليمات التوقيف واضحة ولا يجوز التشدد فيها أو التوسع غير المبرر, فإن الملاحظ أن توقيف الأشخاص في الجرائم غير الكبيرة أصبح مألوفاً ولم يعد يثير حفيظة الدائرة الرقابية على السجون ودور التوقيف بعد أن لبست بزة التستر في إجراءات التوقيف, بل إن هيئة التحقيق والادعاء العام, وحسبما يعبر عنه العديد من أعضائها والعارفين بعملها ممن لهم علاقة عمل مباشرة معها, هؤلاء يرون أن الضمانات لحقوق الأفراد لم تعد كافية تجاه بعض الإجراءات التعسفية كالتوقيف, ولذا فإنه من غير المستغرب أن يتم رفع العشرات من الدعاوى والقضايا لدى القضاء الإداري ممثلاً في ديوان المظالم للطعن في بعض قرارات الهيئة أو للطعن في قرارات التوقيف الصادرة من جهات الضبط الإداري, التي لم تتصد لها الهيئة بالتصحيح وفق صلاحياتها التي أسندها إليها ولاة الأمر.
إن من غير المألوف أن تقف النيابة العامة في أي بلد لتكون ضد ضمانات الأفراد وضد أنظمة الإجراءات الجزائية ولتتحول إلى عقلية بوليسية بحتة وكأن كل الجهد الذي بذله ولاة الأمر في تعزيز ضمانات الأفراد لم يعد مطلوباً تحقيقه, ورغم أن نصوص النظام الأساسي للحكم ونظام الإجراءات الجزائية تشكل مبادئ ومواد قانونية ملزمة ولا يجوز الاجتهاد الشخصي في تطبيقها من عدمه, فالفرد الواحد حتى وإن كان مسؤولاً فإنه يجب ألا يجتهد فيما ورد فيه نص لأنه سبقه اجتهاد عدة لجان ومتخصصين في مجلس الشورى ثم جميع أعضاء المجلس ثم نوقش النظام بنصوصه ومبادئه من قبل هيئة الخبراء ثم عرض على مجلس الوزراء فأقره وأخيراً تم تتويجه بمرسوم ملكي يعبر عن إرادة الملك في تطبيق النظام وتفعيل مواده وصيانة حقوق الأفراد وضماناتهم الواردة فيه.
ولعله لو أتيح تقييم سلامة تطبيق الأنظمة لكانت النتيجة في غير صالح الإدارة الحالية لهيئة التحقيق والادعاء العام التي خلفت إدارة سابقة أسست الفروع ودربت الكوادر وربطت الجسور القوية مع الأجهزة الأمنية والقضائية وعملت على تطبيق الأنظمة دون إفراط أو تفريط, ولأن المطلوب الآن صيانة ما تم إنجازه فإن فكرة النيابة العامة التي اتخذت اسما خاصا بها وهو هيئة التحقيق والادعاء العام توشك أن تفقد مضمونها وتتحول إلى جهاز روتيني يزيد من إجراءات التحقيق والادعاء ويستغرق الوقت والجهد دون أن يضيف القيمة المطلوبة في العمل وجودة الأداء والحيادية التامة في التحقيق حين تكون الحقيقة فقط هي المطلوبة, ولأن (الاجتهاد الفردي) الذي يوجه جهازاً بأكمله يظل معرضاَ لسوء فهم النظام وتطبيقه, بل الإعراض عنه أحياناً من باب الاعتقاد أن هذا هو الأولى أو الأحوط حتى إن خالف النظام وأهدافه, فإن المطلوب وقف تداعي هذا الجهاز البالغ الحساسية في مكافحة الجريمة وحماية حرية الأفراد.
ومع أن تعليمات التوقيف واضحة ولا يجوز التشدد فيها أو التوسع غير المبرر, فإن الملاحظ أن توقيف الأشخاص في الجرائم غير الكبيرة أصبح مألوفاً ولم يعد يثير حفيظة الدائرة الرقابية على السجون ودور التوقيف بعد أن لبست بزة التستر في إجراءات التوقيف, بل إن هيئة التحقيق والادعاء العام, وحسبما يعبر عنه العديد من أعضائها والعارفين بعملها ممن لهم علاقة عمل مباشرة معها, هؤلاء يرون أن الضمانات لحقوق الأفراد لم تعد كافية تجاه بعض الإجراءات التعسفية كالتوقيف, ولذا فإنه من غير المستغرب أن يتم رفع العشرات من الدعاوى والقضايا لدى القضاء الإداري ممثلاً في ديوان المظالم للطعن في بعض قرارات الهيئة أو للطعن في قرارات التوقيف الصادرة من جهات الضبط الإداري, التي لم تتصد لها الهيئة بالتصحيح وفق صلاحياتها التي أسندها إليها ولاة الأمر.
إن من غير المألوف أن تقف النيابة العامة في أي بلد لتكون ضد ضمانات الأفراد وضد أنظمة الإجراءات الجزائية ولتتحول إلى عقلية بوليسية بحتة وكأن كل الجهد الذي بذله ولاة الأمر في تعزيز ضمانات الأفراد لم يعد مطلوباً تحقيقه, ورغم أن نصوص النظام الأساسي للحكم ونظام الإجراءات الجزائية تشكل مبادئ ومواد قانونية ملزمة ولا يجوز الاجتهاد الشخصي في تطبيقها من عدمه, فالفرد الواحد حتى وإن كان مسؤولاً فإنه يجب ألا يجتهد فيما ورد فيه نص لأنه سبقه اجتهاد عدة لجان ومتخصصين في مجلس الشورى ثم جميع أعضاء المجلس ثم نوقش النظام بنصوصه ومبادئه من قبل هيئة الخبراء ثم عرض على مجلس الوزراء فأقره وأخيراً تم تتويجه بمرسوم ملكي يعبر عن إرادة الملك في تطبيق النظام وتفعيل مواده وصيانة حقوق الأفراد وضماناتهم الواردة فيه.
ولعله لو أتيح تقييم سلامة تطبيق الأنظمة لكانت النتيجة في غير صالح الإدارة الحالية لهيئة التحقيق والادعاء العام التي خلفت إدارة سابقة أسست الفروع ودربت الكوادر وربطت الجسور القوية مع الأجهزة الأمنية والقضائية وعملت على تطبيق الأنظمة دون إفراط أو تفريط, ولأن المطلوب الآن صيانة ما تم إنجازه فإن فكرة النيابة العامة التي اتخذت اسما خاصا بها وهو هيئة التحقيق والادعاء العام توشك أن تفقد مضمونها وتتحول إلى جهاز روتيني يزيد من إجراءات التحقيق والادعاء ويستغرق الوقت والجهد دون أن يضيف القيمة المطلوبة في العمل وجودة الأداء والحيادية التامة في التحقيق حين تكون الحقيقة فقط هي المطلوبة, ولأن (الاجتهاد الفردي) الذي يوجه جهازاً بأكمله يظل معرضاَ لسوء فهم النظام وتطبيقه, بل الإعراض عنه أحياناً من باب الاعتقاد أن هذا هو الأولى أو الأحوط حتى إن خالف النظام وأهدافه, فإن المطلوب وقف تداعي هذا الجهاز البالغ الحساسية في مكافحة الجريمة وحماية حرية الأفراد.
زائر- زائر
مواضيع مماثلة
» هيئة الأمم غير المتحدة
» قــــاضي التحقيق وكيفية إتصاله بالدعوى العمومية"
» وسيلة إسناد السلطة طرق الإنتخاب و تكوين هيئة الناخبين
» مذكرة بعنوان: سلطات القاضي المدني في اجراءات التحقيق في الدعوى
» أسس علم النفس العام
» قــــاضي التحقيق وكيفية إتصاله بالدعوى العمومية"
» وسيلة إسناد السلطة طرق الإنتخاب و تكوين هيئة الناخبين
» مذكرة بعنوان: سلطات القاضي المدني في اجراءات التحقيق في الدعوى
» أسس علم النفس العام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس يناير 26, 2023 4:51 pm من طرف guerna noureddine
» حضارات ماقبل التاريخ
الخميس نوفمبر 16, 2017 5:36 pm من طرف بن عامر لخضر
» واد سوف على مر الزمان ثاني اكبر معلم تاريخي فالجزائر
الخميس نوفمبر 16, 2017 5:34 pm من طرف بن عامر لخضر
» من أقطابنا لبرج الغدير : زاوية سيدي احسن بلدية غيلاسة دائرة برج الغدير
الثلاثاء نوفمبر 14, 2017 6:38 pm من طرف بن عامر لخضر
» انتشار الامازيغ
الأحد أكتوبر 22, 2017 6:40 am من طرف بن عامر لخضر
» من اقطابنا لبرج الغدير: رحلة في ذكرى 8ماي1945( بئر ميشوبأولاد سي احمد )
السبت أكتوبر 21, 2017 5:56 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : منارة علم بقرية الدشرة ( مسجد الحاج الشريف )
الأحد أكتوبر 08, 2017 1:09 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : منارة علم بقرية الدشرة ( مسجد الحاج الشريف )
الأحد أكتوبر 08, 2017 12:57 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : معلم أثري يكاد يندثر ( الضريح الروماني ببرج الشميسة )
الإثنين أكتوبر 02, 2017 6:42 am من طرف بن عامر لخضر
» مجموعة أطروحات دكتوراه دولة في الإقتصاد.
الجمعة مارس 31, 2017 9:25 pm من طرف yacine ha
» بعض من مؤلفات الدكتور محمد الصغير غانم
الثلاثاء مارس 21, 2017 8:42 am من طرف cherifa cherifa
» ربح المال مجانا من الانترنت
السبت فبراير 25, 2017 9:15 am من طرف mounir moon
» موسوعة كتب الطبخ
الجمعة فبراير 24, 2017 4:43 pm من طرف mounir moon
» cours 3eme année vétérinaire
الجمعة فبراير 24, 2017 4:38 pm من طرف mounir moon
» اين انتم
الإثنين فبراير 13, 2017 2:47 pm من طرف guerna noureddine