منتدى طلبة جامعة الحاج لخضر- باتنة -
سيكيولوجية السياسة 13401713

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى طلبة جامعة الحاج لخضر- باتنة -
سيكيولوجية السياسة 13401713
منتدى طلبة جامعة الحاج لخضر- باتنة -
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سيكيولوجية السياسة

اذهب الى الأسفل

جديد سيكيولوجية السياسة

مُساهمة من طرف زائر الإثنين ديسمبر 22, 2008 4:13 pm

سيكيولوجية السياسة

كتب د.محمد احمد النابلسي

ترتبط السياسة بالسيكولوجيا عبر علاقة عضوية تعود الى البدايات الأولى للفكر الإنساني . اي الى ما قبل تشكل المفاهيم النظرية لأي منهما . و بالعودة الى أرسطو نجده يصنف السيوكولوجيا و السياسة و الاقتصاد في إطار العلوم التطبيقية . معرفا الأخلاق على انها علم دراسة السلوك الشخصي ، و الاقتصاد على أنه علم تدبير معيشة العائلة و السياسة على انها علم تدبير المدينة ( الدولة ) . لكن الطابع العضوي لهذه العلاقة يعود عمليا الى حاجة السياسة الماسة لأية وسيلة تسهل الاتصال الذي يحتاج بدوره الى أية معلومة تساهم في إكمال فعاليته و تدعيمها.

هذا وتعود البدايات الحديثة لعلم السياسة إلى مطلع الخمسينيات وهي اقترنت ببدايات علم النفس السياسي. فقد نشرت منذ مطلع هذا القرن العديد من البحوث النفسية –السياسية. التي بدأها فرويد بعودة إلى ما قبل الحضارة البشرية لينتقل بعدها إلى دراسة الأساطير وتحديدا مناقشة الأساطير اليهودية ومسألة التوحيد في كتابه "موسى والتوحيد"ليدخل بعدها مباشرة إلى السياسة في مقالته "أفكار لأزمنة الحرب والموت".ثم كانت دراسات يونغ الشهيرة حول الأساطير واللاوعي الجماعي وعلاقتهما باللاوعي الفردي. وبعدها أتت محاولة إتباع فرويد والمنشقين عنه للتوفيق بين التحليل النفسي والسياسة والنظرية الماركسية خصوصا. كما تجدر الإشارة إلى الكتاب الذي نشره غراهام والاس في العام 1921 تحت عنوان " الطبيعة الإنسانية في ميدان السياسة".
لكن البحث العلمي الحقيقي في ميدان السيكولوجيا السياسة بدأ في الولايات المتحدة أثناء الحرب العالمية الثانية. خين تدعمت هذه البحوث بهجرة مكثفة لعلماء النفس الأوروبيين الهاربين إلى أميركا من الحرب. فبدأت هذه البحوث من منطلقات أثنية (عرقية) وسخرت هذه البحوث لدراسة اللاوعي الجماعي والشخصيات الأممية لأصدقاء الولايات المتحدة وأعدائها. في محاولة لتسخير سيكولوجية الرأي العام في الاتجاه السياسي المناسب. وهكذا بحيث يمكن اعتبار ولادة السياسة وايكولوجيا السياسية في مطلع الخمسينيات ولادة توأميه. لكن هذه الفترة وتحديدا العام 1952 سجلت ترسيخ العلوم النفسية كعلم له منهجيته الطبية الصارمة. إذ شهد هذا العام ظهور دواء الكلوربرومازين (دواء معقل) الذي كان مقدمة لإرساء الطب النفسي كأحد فروع الاختصاصات الطبية مما أذكى الصراع بين هذا الفرع المستجد ( الذي وجد لنفسه التطبيقات في الميادين السياسية والعسكرية والحضارية....الخ) وبين بقية الفروع المعنية بهذه الميادين. بل إن الطب النفسي بدا وكأنه يحاول وضع النظم الأخلاقية لهذه الفروع وخصوصا السياسية منها. إذ يرى الطب التفشي ضرورة الإفادة من معارفه( وضرورة مساعدة بقية الفروع له) لكي يحقق الضوابط الأخلاقية التالية:

1- إن أية أبحاث تعمل على إحداث تغييرات في الإنسان (مثل التربية العبقرية وأبحاث الهندسة الوراثية والاستنساخ والجراحة الدماغية...الخ). ويجب أن تكون خاضعة لسياسة اجتماعية صارمة تهتم بتوجيه هذه الأبحاث لتحسين شروط معيشة وسعادة الإنسان.

2- أن مثل هذه الأبحاث يجب أن يمنع توجيهها باتجاه تحقيق تفوق أفراد أو جماعات أو شعوب على حساب غيرها من البشر.

3- يجب النظر إلى جميع محاولات (تحسين) السلوك الإنساني على أنها اعتداء على حرية الشخص. باستثناء الحالات التي تتم فيها هذه المحاولات بطلب من الشخص نفسه لاستشعاره الحاجة إليها. على أن تدعم الآراء العلمية-الموضوعية هذا الاستشعار.

4- إن "اللاانسنة" المتمثل باستبدال أعضاء بشرية هامة بأعضاء حيوانية هي مسألة تطرح إشكاليات أخلاقية خطيرة.

5- أن الرغبة الشخصية بالاستفادة من تقنيات معينة لاستغلالها لتحقيق أهداف شخصية من شأنها أن تنسف قواعد السياسة الاجتماعية وأخلاقياتها. الأمر الذي يقتضي التريث في تشريعها لقياس مدى قدرة هذه السياسة على استيعاب التعديلات. مثال على ذلك أن الدعوة العالمية للحد من زيادة السكان (ومعها دعوة الشعوب لا يتجاوز متوسط أعمارها الأربعين عاما للحد من التكاثر) تصطدم بالرغبات الشخصية في الإنجاب باستخدام تقنيات طفل الأنبوب أو الاستنساخ أو غيرها.

6- إن أية محاولة لتعديل الشخصية يجب أن تخضع لتحري دوافع هذه المحاولة سواء من قبل شخص أو من قبل الاختصاصي الذي يتولى عملية التعديل.

7- إن تطور تقنية الاتصال (ومعها التجسس على الأفراد) يؤمن مراقبة دقيقة لسلوك الأشخاص مما يزيد من احتمالات إساءة الاستغلال السياسي لهذه المراقبة ( خصوصا بعد أن نعلم أن دولا نامية عديدة تخضع بشكل جماعي لهذا النوع من المراقبةّ!).

8- أن موضوع ولادة بدون رحم ومعها موضوع الاستنساخ هي مواضيع تلامس حساسيات تحديد الانتماء العائلي. الأمر الذي يهدد مفاهيم البنية العائلية في المجتمع البشري. وهو تهديد يستحق الدراسة والمناقشة المعمقة.

9- إن محاولات زيادة الذكاء السكاني (نسبة 20%) أو مايعرف بمحاولات إنتاج جيل من العباقرة , وأيضا محاولات زيادة متوسط أعمار البشر بحوالي عشرين بالمائة إضافية , هي محاولات محفوفة بمخاطر الاحتكار الذي يؤدي إلى التفرقة والتمييز العنصريين( العلميين) مما يجعل تكاليف هذه الأبحاث الأخلاقية خارج إطار قدرة البشرية على تحملها. فهي تشجع فرز البشر إلى أذكياء وأغبياء لكى يعني ولادة نوع جديد من الأسباب الممهدة لانتهاك حقوق الإنسان.

10- ترتبط كرامة الإنسان بقاعدة ذهبية تقول إن البشر يكونون أكثر فعالية وعطاء(أي أكثر إنسانية) عندما نعاملهم كأحرار مسئولين متمتعين باستقلاليتهم الذاتية وبرفادتهم.

11- إن مسألة الحفاظ على التنوع الإنساني ( الجيني والثقافي ) هي مسألة حيوية –محورية. ومحاولة إنتاج مخلوقات مثالية جينيا ( أو ثقافيا عن طريق العولمة) هي محاولة تحرم الإنسانية من هذا التنوع.

12- يجب أن تبقى العائلة الواحدة الرئيسة لتكاثر البشر ويجب الإصرار على عدم استبدالها بأي من الوحدات المقترحة. وحول حبة الرمل هذه (أي العائلة) أي تطور اللؤلؤة التي تشكل التنوع الثقافي الإنساني. الذي لم تستطع الاقتراحات المطروحة لغاية اليوم أن نأي ببديل له.

وبهذا تبدو العلوم النفسية , الطب النفسي خصوصا , وكأنها خط الدفاع الضابط للأخلاقيات. لكن هذا الضابط لا يشكل سوى قمة جبل الجليد. فمن ناحية يقع الطب النفسي ومعه العلوم النفسية والإنسانية كافة تحت تأثير علوم أخرى مثل الاقتصاد والاتصال والإحصاء. وهذا الأخير بات قادرا على فبركة النتائج بأي اتجاه كان , وباتت الإحصاءات لعبة بدون قواعد

ومن ناحية أخرى فقد وقعت العلوم النفسية في أسر الفكر السياسي. فعلاقة هذه العلوم بالفلسفة علاقة قديمة وعضوية ومتبادلة. فلو راجعنا التصنيفات المقترحة للأمراض النفسية لوجدنا أنها متأثرة لدرجة التوحد بالفكر السياسي السائد. فالتصنيف الأمريكي يعتمد المبادئ البراغماتي والظواهري من خلال تحديده للتشخيص من خلال العوارض. حتى أعتبر بعض المؤلفين يئن التصنيف الأمريكي هو حصان طروادة الذي يحاول الفكر الأمريكي النفاذ من خلاله إلى عقول الأطباء النفسيين حول العالم. فإذا ما أضفنا الوقائع المتوافرة حول إساءات استخدام الطب النفسي فإنا نجد أن الفن المسمى بالسياسة قد أمتلك القدرة على السيطرة وعلى تسخير العلوم لمصلحته مع بقاء قواعده سرية وعصية على الأبرصان في مناهج أكاديمية خاضعة للمنطق العلمي وقابلة للتجريب.
سيكيولوجية التظاهر


تحدد الأدبيات الأساسية في علم النفس السياسي التظاهر وتعرفه على انه سلوك جماعي علني يطغى عليه الطابع الانفعالي ويمكنه أن ينتشر بالعدوى على شكل تقليد هستيري الطابع. وهذا الطابع يمكنه أن يأخذ منحاً تصعيدينا ليصل الى حدود الشغب أو المبالغة في الانفعالية. ويعبر التظاهر عادة عن رسالة تحدد موقفاً من اتجاه أو إجراءات سياسية معينة. ذلك هو التعريف العلمي لأركان التظاهر

كما وتشير الدروس الأولية في علم النفس الاجتماعي إلي أن مثل تلك المساندة ،احتجاجا أو تأييدا، تعد من ضمن ردود الفعل الطبيعية للفرد منذ طفولته الأولى. إذ تبدأ مظاهر الاحتجاج لدى الطفل مع صرخاته احتجاجاً و رفضاً, و ضحكاته و تصفيقه تقبلاً و تأييداً. ومع نمو الطفل و بزوغ السلوك الجماعي تتخذ المظاهرة طابعها الممارس من قبل البالغين في الساحة السياسية.

ولقد حظي سلوك التظاهر بقدر واهتمام كبيرين من دراسات علم النفس الاجتماعي والسياسي. بحيث أمكن تتبع تاريخ الظاهرة و جذورها واستخلاص القوانين السلوكية التي تحكمها, بل وفي توظيف تلك القوانين في تطوير أشكال المظاهرات. وكذلك في تطوير أساليب التعامل معها. سواء لجهة تنظيمها أو تقنين أو السيطرة على مجرياتها الصعيدية. واستفادت دول و شعوب العالم من مكتشفات العلوم السلوكية والتكنولوجية على حد سواء في تسارع ذلك التطور. ومن ثم عمدت الى توظيف هذه المعطيات العلمية.

وهكذا استفادت الدول فطورت من أساليب تعاملها مع المظاهرات داخل حدودها, بل ومن أساليب توجيهها - بل و تمويلها أحيانا- للمظاهرات في دول أخرى وفقا لمصالحها. وهكذا حصل استنساخ للمظاهرات السياسية العفوية التقليدية وأعيد إنتاجها مخابراتي لإسقاط أنظمة الحكم أو لنشر الفوضى في البلد. وذلك سواء من قبل جهات داخلية أم خارجية. مثال ذلك الدعم ألمخابراتي الأجنبي لمظاهرات تيميشوارا وبوخارست وجورجيا وأوكرانيا وفنزويلا وغيرها. واستفادت الشعوب والجماعات والأحزاب بدورها من جهتها فطورت أساليبها في التظاهر وأدركت أن نجاح تظاهرة ما يرتبط بإنتاج فكرة تظاهرية محورية واحدة جامعة بين فئات المتظاهرين.

التظاهــرات العربيــة

لقد عرفنا في الدول العربية وفي لبنان خصوصاً المظاهرات متعددة الدوافع. ونظراً لسيل المظاهرات المبرمجة في مخطط تغيير دول الشرق الأوسط فإننا سنأخذ المثال اللبناني نموذجاً للحديث عن نمط هذه المظاهرات حيث نبدأ بسرد تاريخي لمظاهرات الاحتجاج على إقامة لبنان الكبير ( 1920 – 1936) وطلب البقاء في وحدة جغرافية مع سوريا. وبعدها المظاهرات المطالبة باستقلال لبنان ( 1936 – 1943) عن الانتداب الفرنسي. وبعدها المظاهرات التي أسقطت بشارة ألخوري ( 1952) ودفعته للتنازل عن الفترة المتبقية له كرئيس جمهورية بعد تجديد ولايته.

ومع بروز الزعيم العربي عبد الناصر ارتبطت المظاهرات اللبنانية ، والعربية عموماً، بالمد القومي. فكانت تخرج تأييدا لعبد الناصر في مواقفه المختلفة ( 1956 و1967 و1970 وعام وفاته 1971). وللثورة الجزائرية ضد الفرنسيين ( 1960) وللفلسطينيين في صراعهم مع إسرائيل . الخ من المناسبات العربية والإسلامية التي لا تزال مستمرة.

ثم جاءت الحرب الأهلية اللبنانية لتنهي سلوك التظاهر وسط علاقة إشكالية بين الميليشيات والمواطن. وهي علاقة ثنائية العواطف يتمازج فيها الخوف مع التواطوء. وهو ما حول الاحتجاج من سلوك التظاهر الى سلوك المجازر. مثال ذلك ردود الفعل على الاغتيالات السياسية الحاصلة خلال الحرب.

وها هو لبنان يعيش اليوم ردود الفعل الشعبية المجسدة لاحتجاجات الشعب اللبناني على وقائع ضاغطة على معيشته وعلى حياته اليومية. وانطلقت هذه التظاهرات كردة فعل على اغتيال الرئيس رفيق الحريري. إلا أنها تخطت هذه الانطلاقة للمطالبة بالخروج السوري من لبنان. وذلك بعد حملة إعلامية طويلة الأمد وسخية التمويل مدعومة بالخطاء والإهمال السوريين. وبهذه المناسبة أستعاد المواطن اللبناني سلوك التظاهر بعد أن كاد يفقده في ظل الحرب. ومن بعدها في ظل الوجود العسكري السوري. والوجود العسكري على أشكاله لا يحتمل التظاهر الاجتماعي والسياسي.

والواقع أن هذه التظاهرات أربكت كل المتابعين للشأن السياسي اللبناني. فالراسخ في ذهن اللبنانيين أن المظاهرات غير الحسيسة في إطار مطالب محددة تكون مسبقة التحضير. وهي بالتالي ممولة بصورة مشبوهة. إلا أن التخطيط الجيد لهذه التظاهرات أنطلق من مبدأ التفاوض الرئيسي. وهو القائل بتجاهل نقاط الاختلاف بين الأطراف والتركيز على نقاط الالتقاء بينهم. حيث تمكن المنظمون من إقامة هذه التظاهرات على المحاور الجامعة التالية:

- المطالبة بالخروج العسكري السوري
دون الخوض في تفاصيل خلفيات ودواعي هذه المطالبة بين الفئات المشاركة. فهذه المطالبة ليست عقائدية بل هي تستند الى دواعي متناقضة تمام التناقض. فعتب الحريري على السوريين ينبع من تفضيلهم للرئيس لحود عليه. ومن هنا انسحابه الاحتجاجي من رئاسة الوزارة وعمله على تصعيب مهمة لحود ورئيس وزارته عمر كرامي.

- المطالبة بمعرفة الحقيقة حول اغتيال الحريري
وهنا لا بد من التساؤل عن سبب اختيار هذا الأسلوب الفج والدرامي في عملية الاغتيال. فلو أقتصر الهدف على اغتيال الحريري فقد كان بالإمكان اغتياله على طريقة جون كينيدي ( فناص ورصاصة واحدة).

- الخوف من الانتقام السوري
رغم الحملة الدولية المطالبة بالخروج السوري والمتحدية للسياسة السورية ( القرار 1559 وقانون محاسبة سوريا والتهديد بحصارها اقتصاديا...الخ) فإن المتظاهرين كانوا يدركون أن التواجد السوري لا يقتصر على الظاهر بل يتخطاه الى مشاركة سورية في نسيج المجتمع اللبناني على مختلف الصعود الاجتماعية والعائلية والاقتصادية وغيرها. ومن هنا ترداد قيادات المعارضة لتلميحات الخوف والتخويف من الخوف.

- تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب قبل تفجر خلافات المتظاهرين
ومن هنا دعوات الاستعجال والتهالك غير المبرر على جملة خطوات يمكنها أن تكون مؤذية بتسرعها وتعجيلها. فاللبنانيون مختصمون مثلاً على قانون الانتخاب منذ قيام الدولة ولغاية اليوم. ومع ذلك يصر المتظاهرون ومنسقيهم على استنساخ قانون جديد خلال بضعة أيام لمجرد تأمين ما يعتبرونه فوزهم المؤكد في الانتخابات إن هي جرت تحت وطأة المظاهرات. ولا يهم بعدها الانعكاسات السلبية المحتملة لمثل هذا القانون.

على الوجه الآخر وجدنا حزب الله يخرج بتظاهرة لا تقل حجماً أو تأثيراً عن مظاهرات ما يسمى بالمعارضة. إلا أنه خسر في المقابل رفعته عن الدخول كطرف سياسي مباشر. وهو تريث كثيراً قبلها لكنه أضطر لذلك أمام التصعيد المبالغ للطرف المقابل. وهكذا وجد لبنان نفسه أمام تهديد حقيقي لاستقراره وأمام صيرورة يمكنها أن تقود لإعادة إشعال نزاعه الأهلي الداخلي. وكان لا بد للجميع من التراجع بضع خطوات الى الوراء. ومن هذه التراجعات إعادة خلط أوراق الموالاة – المعارضة بما أستتبع عمليات تسرب عديدة بين الفريقين. إلا أننا وقبل الحديث عن هذه التسريبات نود تقديم عرض تحليلي للتظاهرات اللبنانية الأخيرة وللنتائج المباشرة المترتبة عليها.

يتبع...

زائر
زائر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

جديد رد: سيكيولوجية السياسة

مُساهمة من طرف زائر الإثنين ديسمبر 22, 2008 4:13 pm

قراءة تحليليــة للمظـاهرات اللبنانيــة

بالمقارنة مع المظاهرات السابقة الممولة أميركياً في الدول النامية ( ومنها مظاهرات رومانيا وجورجيا وأوكرانيا وفنزويلا . الخ) نجد أن للمظاهرات اللبنانية مميزاتها ونتائجها الخاصة. وأهما :

1. أنها لم تؤد الى سقوط الحكم كما في رومانيا وجورجيا وأوكرانيا وغيرها.

2. أن استقالة حكومة كرامي أتت في سياق تقليد سياسي عريق وليس في إطار هزيمة سياسية. وهي مسألة تطاول على شخص الرئيس كرامي.

3. أنها عجزت عن طرح موضوع الاستفتاء كما في فنزويلا مثلاً. فالاستفتاء يشكل حساسية لدى المشيحين اللبنانيين. وطرحه كان كفيلاً بتفجير البلد وليس المعارضة لوحدها.

4. أنها تركت البلد بدون دفاعات أمنية مع المطالبة بخلق فراغات أمنية بإقالة رؤساء الأجهزة. دون تقديم البدائل الأمنية لمواجهة الصدامات المحتملة في ظل هذا الانقسام الذي عمقته التظاهرات وأضافت اليه أحلافاً عابرة ومؤقتة تنهار لمجرد اقتسام المغانم.

5. اعتماد المظاهرات على مبدأ التصنيف المصطنع الى معارضة وموالاة. وهو تصنيف لم يقاوم لغاية إتمام الخروج السوري. مما أستدعى إعادة خلط الأوراق. مما يعني إعطاء تعريف جديد لحركة التظاهرات.

6. سذاجة المحاور المعتمدة كعقيدة تظاهرية. خاصة بعد خروج سوريا وقبول لجنة التحقيق الدولية اللذان أسقطا هذه العقيدة لتتفجر بعدها التناقضات المخيفة بين مختلف الأرقاء. وسنذكرها في النقاط التالية.

7. أن جميع المعارضين الموارنة هم مرشحون لرئاسة الجمهورية. وهم متنافسون بحدة ستظهرها الانتخابات القادمة.

8. أن الحضور السني في المظاهرات المعارضة أقتصر على آل الفقيد وبعض التكنوقراط من تيار الحريري. وبدا واضحاً أن هؤلاء لا يتقنون السياسة. في حين غابت أو غيبت الزعامات السنية الكبيرة والتقليدية.

9. أن الحضور الشيعي أنعدم في تظاهرة المعارضة وتكثف في تظاهرة حزب الله.

10. أن مواقف الزعيم الدرزي ترتبط كالعادة بمصلحة الطائفة التي يمثلها في نظام طائفي. وهو تمثيل لا بد له من التعارض مع مصالح طوائف الأكثرية.

11. أن مسألة إقالة رئيس الجمهورية تواجه بنقض ( فيتو) ماروني صادر عن رأس الطائفة.

12. غياب البدائل السياسية. حيث قادة المجتمع المصنعين بعد الطائف لا يتمتعون بمقومات وشروط القيادة وفق اللاوعي الشعبي اللبناني. وهم وصلوا عن طريق المال السياسي. بحيث يمكن الشك في إستمراريتهم لو أستعاد الناخب اللبناني قناعته بأنه قادر على فعل التغيير.

هذه العوامل تبين فشل أميركي سياسي لمخطط التظاهرات اللبنانية. فهي لم تغير نظام حكم ولم تسقط رئيساً كما أنها لم تطرح استفتاء. بل أن مظاهرتها ووجهت بأخرى مثيلة حجماً واندفاعا ولكن بجرعة حقيقية من العقائدية الراسخة. وعلى المراقب أن يخشى أي احتمال تصادم بين الطرفين. خاصة وأن التظاهرة العقائدية قابلة للتكرار بدون تمويل أو طقوس مرافقة. في حين أحتاج استمرار التظاهرة المقابلة للتمويل السخي ولإقامة مسرح وحفلات غنائية.

تحالفــات مــا بعــد الخــروج الســوري

بعد الانسحاب السوري من لبنان أصبح الحديث متاحاً عن جوانب العلاقة بين سوريا وبين السياسيين اللبنانيين عامة. ومن أهم هذه الجوانب ،التي سوف ترسم تحالفات ما بعد الخروج السوري، نذكر التالية:

1. أن غلاة المعارضين الطامحين لرئاسة الجمهورية قد مروا بدمشق وطلبوا دعمها وموافقتها على توليهم الرئاسة الأولى. والرفض السوري كان من أهم أسبابا تحولهم الى معارضين.

2. كان التدخل السياسي السوري في لبنان عميقاً ومتخطياً للحدود. إلا أنه حصل بضغط السياسيين اللبنانيين الذين كانوا يحملون خلافاتهم الى دمشق ويطلبون تدخلها تحت طائلة تفجر الوضع الداخلي والاستقرار السياسي. ودفع السوريون ثمن هذا التورط في تناقضات البلد الداخلية.

3. أن الزعامات الحقيقية ( المستندة الى رصيد شعبي فاعل) لما سمي بالمعارضة كانت متعاونة مع الأجهزة الأمنية السورية على مدى عقود. وهي تراجعت بعد أن أبلغت بالرغبة الأميركية والفرنسية بالدخول السريع على الخط اللبناني.

4. حاول الطامحون ركوب حصان التظاهرات المعارضة طمعاً في تحقيق طموحهم. لكن الزعامات المعارضة أسقطتهم عن ظهر الحصان بمجرد بداية خلط الأوراق بينهم وبين الفريق الآخر.

5. بقاء سوريا لاعباً رئيسياً ( لكن ليس وحيداً كما قبل) الى جانب كل من الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل. وهذا الواقع يجعل عداء سوريا ممنوعاً على اي سياسي لبناني. لأنه يعني عداوة لاعب رئيسي في الساحة السياسية اللبنانية.

6. تجهد السعودية للحفاظ على دور لبناني اكتسبته عبر الرئيس الحريري. وهي لا تريد فقدانه بفقدان الأخير. إلا أن هذا الطموح يواجه بطموح إيراني مماثل. الأمر الذي يفتح أبواب لبنان أمام سلسلة من اللاعبين الفرعيين. وهذا يعني تجدد الحرب الأهلية فهل هذا هو المطلوب؟. أم أن باب اللاعبين الفرعيين يبقى موارباً بانتظار تطورات الوضع الأميركي في العراق؟.

7. إن نكتة تقسيم لبنان الى معارضة وموالاة تحولت الى السماجة. مما يستدعي خلط الأوراق لإيجاد صيغة تصنيفية جديدة للبلد ولمتظاهر المظاهرات القادمة.

8. يبقى انتظام هذه العوامل مجتمعة مرتبطاً بالمفاجآت القادمة قريباً الى لبنان. ذلك أن الوضع الحالي هو وضع فوضى محدودة لكنها مهددة بالأتساع والتفجر. ومن هنا ضرورة حدوث مفاجآت غير منتظرة للخلاص من احتمالات الفوضى التي لا تبدو مطلوبة من أي من الأطراف الداخلية أو الخارجية أقله لغاية الآن.

9. قانون الانتخابات هو المرشح البارز للتصنيف اللبناني الجديد. وذلك بحيث يتوزع المتظاهرون القادمون على مؤيدين لتعجيل أو تأجيل الانتخابات. ومنهم مؤيدي القضاء والدائرة الوسطى والكبرى. وبذلك يكون لبنان قد عاد الى سيرته السابقة. حيث شعب رمسيس ومتورع حول محاور سياسية تحددها مصالح الزعامات والطوائف.

تحــولات الجمهور اللبناني بعد المظاهرات

بالرغم من التحفظات الواردة أعلاه فإن تحولات عديدة طرأت على الجمهور اللبناني بعد هذه المظاهرات. وهذه التحولات وإن لم تكن إيجابية في جملتها إلا أنها ساعدت جيل ما بعد الحرب على المتوقع في سياسة البلد وإن هو لم يبلغ التصورات المثالية المناسبة لعمره في هذا المتوقع. إلا أن هذه التحولات ستترك أثرها على الانتخابات القادمة أو على الأسباب التي قد تعوق هذه الانتخابات. ومن هذه التحولات نذكر:

1. استعادة الشعور بالقدرة على الفعل والتغيير بدل الشعور بالضآلة واللاجدوى. وإن كان السؤال يطرح حول احتمالات استمرارية هذا الشعور في حال اصطدامه بلعبة خلط الأوراق في التحالفات الانتخابية الآتية.

2. إعادة إحياء رموز الحرب وزعاماتها في ظل العجز عن تخليق زعامات بديلة مقابلة.

3. القبول بعودة التدخل الأجنبي المباشر في الشؤون الداخلية للبلد.

4. فتح الأبواب أمام تصنيع قادة مجتمع على الطريقة الأميركية.

5. معاودة طرح التناقضات المذهبية والطائفية.

6. تسجيل سابقة تعطيل الأكثرية البرلمانية وتقييدها بتحركات شعبية.

7. تجاوز أتفاق الطائف الى فراغ سياسي ناجم عن العجز في إنتاج أتفاق بديل له.

8. الإشكاليات اللبنانية المهددة: المديونية وسلاح حزب الله والفلسطينيين..الخ.

مما تقدم لا نبالغ بالقول بأن هذه المظاهرات جعلت من لبنان المدخل الى فوضى المنطقة بكاملها. والدروس المستفادة من هذه المظاهرات ستلقى تطبيقاتها العملية في المظاهرات المقبلة في البلدان الأخرى في المنطقة. بل أن الشراكة الظاهرية بين الفئات المتظاهرة ستتحول قريباً الى مشاعر الخداع والاضطهاد. بل أن هذا التدريب المكثف على التظاهر سوف يمارس لإعادة إحياء الصراعات القديمة وأخطرها الصراعات داخل المذهبية.

الخلاصــة

إن التظاهر هو سلوك إنساني – اجتماعي وهو عرضة كغيره من السلوكيات الإنسانية لإساءة التوظيف والاستخدام. وبخاصة عندما يأتي سلوك التظاهر قبل طرح الأسئلة وقبل انتظار الأجوبة عليها. وفي المثال اللبناني نسأل هل تحل التظاهرات الإشكاليات الرئيسية المطروحة على الساحة السياسية اللبنانية كمثل:

1. المديونية البالغة 45 مليار دولار؟.

2. الطائفية السياسية؟.

3. الخطر الإسرائيلي؟.

4. مشكلة توطين الفلسطينيين؟.

5. التناحر الطائفي الكامن في لا عدالة توزيع مقدرات البلد؟.

6. عدم الاتفاق على دستور نهائي للبلد؟.

إن التحليل الموضوعي لنتائج التظاهرات الأخيرة يبين أن المتظاهرين حققوا ظاهرياً هدفاً مشتركاً واحداً. إلا أنهم انقسموا الى جماعات حقق كل منها أهدافه الخاصة. الأمر الذي سوف يبرر غضبة الفئات الأخرى وإحساسها بانها كانت موضع استغلال من قبل الرفاق في التظاهرات. حيث تم الإيحاء لكل فئة منهم بأنها هي صاحبة التظاهرة. وفي هذا مقدمة لانقسامات داخل صفوف الشباب المشارك في هذه المظاهرة. لذلك نأمل ألا يستمر سلوك التظاهر الممول والموجه خارجياً سلوكاً معتمداً للوصول الى المناصب السياسية. وهذا ينطبق على لبنان كما على بقية دول المنطقة المعنية التي قد تراجع التجربة اللبنانية الراهنة وتستفيد منها لتوسيع أطر شعور الشباب بالقدرة على الفعل والتغيير بدون الانسياق وراء الإيحاءات المفبركة خارجياً

زائر
زائر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى