الموضوع: من درر شيخ الإسلام ابن تيمية
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الموضوع: من درر شيخ الإسلام ابن تيمية
ففي
الجملة أهل السنة يجتهدون في طاعة الله ورسوله بحسب الإمكان كما قال تعالى
: { فاتقوا الله ما استطعتم } [ سورة التغابن : 16 ] ، وقال النبي صلى
الله عليه وسلم : { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } ، ويعلمون أن
الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بصلاح العباد في المعاش والمعاد ،
وأنه أمر بالصلاح ونهى عن الفساد ، فإذا كان الفعل فيه صلاح وفساد رجحوا
الراجح منهما ، فإذا كان صلاحه أكثر من فساده رجحوا فعله ، وإن كان فساده
أكثر من صلاحه رجحوا تركه .
فإن الله تعالى بعث رسوله صلى الله عليه
وسلم بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها . فإذا تولى
خليفة من الخلفاء كيزيد وعبد الملك والمنصور وغيرهم ، فإما أن يقال يجب
منعه من الولاية وقتاله حتى يولى غيره كما يفعله من يرى السيف ، فهذا رأى
فاسد ، فإن مفسدة هذا أعظم من مصلحته .
وقل من خرج على إمام ذي
سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير ، كالذين
خرجوا على يزيد بالمدينة ، وكابن الأشعث الذي خرج على عبد الملك بالعراق ،
وكابن المهلب الذي خرج على ابنه بخراسان ، وكأبي مسلم صاحب الدعوة الذي خرج
عليهم بخراسان أيضا ، وكالذين خرجوا على المنصور بالمدينة والبصرة ،
وأمثال هؤلاء .
وغاية هؤلاء إما أن يغلبوا وإما أن يغلبوا ثم يزول
ملكهم فلا يكون لهم عاقبة ؛ فإن عبد الله بن علي وأبا مسلم هما اللذان قتلا
خلقا كثيرا ، وكلاهما قتله أبو جعفر المنصور . وأما أهل الحرة وابن الأشعث
وابن المهلب وغيرهم فهزموا وهزم أصحابهم ، فلا أقاموا دينا ولا أبقوا دنيا
. والله تعالى لا يأمر بأمر لا يحصل به صلاح الدين ولا صلاح الدنيا ، وإن
كان فاعل ذلك من أولياء الله المتقين ومن أهل الجنة ، فليسوا أفضل من علي
وعائشة وطلحة والزبير وغيرهم ، ومع هذا لم يحمدوا ما فعلوه من القتال ، وهم
أعظم قدرا عند الله وأحسن نية من غيرهم .
وكذلك أهل الحرة كان فيهم
من أهل العلم والدين خلق . وكذلك أصحاب ابن الأشعث كان فيهم خلق من أهل
العلم والدين ، والله يغفر لهم كلهم .
وقد قيل للشعبي في فتنة ابن الأشعث : أين كنت يا عامر ؟ قال : كنت حيث يقول الشاعر :
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى *** وصوت إنسان فكدت أطير
أصابتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء ، ولا فجرة أقوياء .
وكان
الحسن البصري يقول : إن الحجاج عذاب الله ، فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم ،
ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع ، فإن الله تعالى يقول : { ولقد أخذناهم
بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون } [ سورة المؤمنون : 76 ] ، وكان
طلق بن حبيب يقول : اتقوا الفتنة بالتقوى . فقيل له : أجمل لنا التقوى .
فقال : أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ، ترجو رحمة الله ، وأن تترك
معصية الله على نور من الله ، تخاف عذاب الله . رواه أحمد وابن أبي الدنيا .
وكان
أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة ، كما كان عبد الله بن
عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحرة عن الخروج على
يزيد ، وكما كان الحسن البصري ومجاهد وغيرهما ينهون عن الخروج في فتنة ابن
الأشعث .
ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث
الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وصاروا يذكرون هذا في
عقائدهم ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم ، وإن كان قد قاتل في
الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين .
[ منهاج السنة النبوية ج 4 ص 530
الجملة أهل السنة يجتهدون في طاعة الله ورسوله بحسب الإمكان كما قال تعالى
: { فاتقوا الله ما استطعتم } [ سورة التغابن : 16 ] ، وقال النبي صلى
الله عليه وسلم : { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } ، ويعلمون أن
الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بصلاح العباد في المعاش والمعاد ،
وأنه أمر بالصلاح ونهى عن الفساد ، فإذا كان الفعل فيه صلاح وفساد رجحوا
الراجح منهما ، فإذا كان صلاحه أكثر من فساده رجحوا فعله ، وإن كان فساده
أكثر من صلاحه رجحوا تركه .
فإن الله تعالى بعث رسوله صلى الله عليه
وسلم بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها . فإذا تولى
خليفة من الخلفاء كيزيد وعبد الملك والمنصور وغيرهم ، فإما أن يقال يجب
منعه من الولاية وقتاله حتى يولى غيره كما يفعله من يرى السيف ، فهذا رأى
فاسد ، فإن مفسدة هذا أعظم من مصلحته .
وقل من خرج على إمام ذي
سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير ، كالذين
خرجوا على يزيد بالمدينة ، وكابن الأشعث الذي خرج على عبد الملك بالعراق ،
وكابن المهلب الذي خرج على ابنه بخراسان ، وكأبي مسلم صاحب الدعوة الذي خرج
عليهم بخراسان أيضا ، وكالذين خرجوا على المنصور بالمدينة والبصرة ،
وأمثال هؤلاء .
وغاية هؤلاء إما أن يغلبوا وإما أن يغلبوا ثم يزول
ملكهم فلا يكون لهم عاقبة ؛ فإن عبد الله بن علي وأبا مسلم هما اللذان قتلا
خلقا كثيرا ، وكلاهما قتله أبو جعفر المنصور . وأما أهل الحرة وابن الأشعث
وابن المهلب وغيرهم فهزموا وهزم أصحابهم ، فلا أقاموا دينا ولا أبقوا دنيا
. والله تعالى لا يأمر بأمر لا يحصل به صلاح الدين ولا صلاح الدنيا ، وإن
كان فاعل ذلك من أولياء الله المتقين ومن أهل الجنة ، فليسوا أفضل من علي
وعائشة وطلحة والزبير وغيرهم ، ومع هذا لم يحمدوا ما فعلوه من القتال ، وهم
أعظم قدرا عند الله وأحسن نية من غيرهم .
وكذلك أهل الحرة كان فيهم
من أهل العلم والدين خلق . وكذلك أصحاب ابن الأشعث كان فيهم خلق من أهل
العلم والدين ، والله يغفر لهم كلهم .
وقد قيل للشعبي في فتنة ابن الأشعث : أين كنت يا عامر ؟ قال : كنت حيث يقول الشاعر :
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى *** وصوت إنسان فكدت أطير
أصابتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء ، ولا فجرة أقوياء .
وكان
الحسن البصري يقول : إن الحجاج عذاب الله ، فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم ،
ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع ، فإن الله تعالى يقول : { ولقد أخذناهم
بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون } [ سورة المؤمنون : 76 ] ، وكان
طلق بن حبيب يقول : اتقوا الفتنة بالتقوى . فقيل له : أجمل لنا التقوى .
فقال : أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ، ترجو رحمة الله ، وأن تترك
معصية الله على نور من الله ، تخاف عذاب الله . رواه أحمد وابن أبي الدنيا .
وكان
أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة ، كما كان عبد الله بن
عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحرة عن الخروج على
يزيد ، وكما كان الحسن البصري ومجاهد وغيرهما ينهون عن الخروج في فتنة ابن
الأشعث .
ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث
الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وصاروا يذكرون هذا في
عقائدهم ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم ، وإن كان قد قاتل في
الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين .
[ منهاج السنة النبوية ج 4 ص 530
رد: الموضوع: من درر شيخ الإسلام ابن تيمية
بارك الله فيك انفال عالتذكير الطيب جعله الله في ميزان حسناتك
مواضيع مماثلة
» من كلام شيخ الاسلام بن تيمية
» فيديو جد مؤثر الى متى يا أمة الإسلام
» ليس في الفلسفة الإسلاميّة من الإسلام إلا التسمية
» الشورى وأخذ الرأي في الإسلام
» كنت سأبيع الإسلام بعشرين بنساً
» فيديو جد مؤثر الى متى يا أمة الإسلام
» ليس في الفلسفة الإسلاميّة من الإسلام إلا التسمية
» الشورى وأخذ الرأي في الإسلام
» كنت سأبيع الإسلام بعشرين بنساً
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس يناير 26, 2023 4:51 pm من طرف guerna noureddine
» حضارات ماقبل التاريخ
الخميس نوفمبر 16, 2017 5:36 pm من طرف بن عامر لخضر
» واد سوف على مر الزمان ثاني اكبر معلم تاريخي فالجزائر
الخميس نوفمبر 16, 2017 5:34 pm من طرف بن عامر لخضر
» من أقطابنا لبرج الغدير : زاوية سيدي احسن بلدية غيلاسة دائرة برج الغدير
الثلاثاء نوفمبر 14, 2017 6:38 pm من طرف بن عامر لخضر
» انتشار الامازيغ
الأحد أكتوبر 22, 2017 6:40 am من طرف بن عامر لخضر
» من اقطابنا لبرج الغدير: رحلة في ذكرى 8ماي1945( بئر ميشوبأولاد سي احمد )
السبت أكتوبر 21, 2017 5:56 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : منارة علم بقرية الدشرة ( مسجد الحاج الشريف )
الأحد أكتوبر 08, 2017 1:09 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : منارة علم بقرية الدشرة ( مسجد الحاج الشريف )
الأحد أكتوبر 08, 2017 12:57 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : معلم أثري يكاد يندثر ( الضريح الروماني ببرج الشميسة )
الإثنين أكتوبر 02, 2017 6:42 am من طرف بن عامر لخضر
» مجموعة أطروحات دكتوراه دولة في الإقتصاد.
الجمعة مارس 31, 2017 9:25 pm من طرف yacine ha
» بعض من مؤلفات الدكتور محمد الصغير غانم
الثلاثاء مارس 21, 2017 8:42 am من طرف cherifa cherifa
» ربح المال مجانا من الانترنت
السبت فبراير 25, 2017 9:15 am من طرف mounir moon
» موسوعة كتب الطبخ
الجمعة فبراير 24, 2017 4:43 pm من طرف mounir moon
» cours 3eme année vétérinaire
الجمعة فبراير 24, 2017 4:38 pm من طرف mounir moon
» اين انتم
الإثنين فبراير 13, 2017 2:47 pm من طرف guerna noureddine