ليس في الفلسفة الإسلاميّة من الإسلام إلا التسمية
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ليس في الفلسفة الإسلاميّة من الإسلام إلا التسمية
يتركّز الحوار في هذا الجزء مع الباحث التونسي محمد المزوغي في موضوع الفلسفة، حيث نفتح إشكالية الدين والفلسفة، ومدارات هذه الإشكاليّة في التاريخ الإسلامي. يتمحور الحديث في نموذجي ابن تيمية وابن خلدون، حيث يدور نقاش حول طبيعة موقفهما من الفلسفة، ومنهجية تصنيفهم لدى البعض بوصفهما فلاسفة. بالنسبة لابن تيمية يرى المزوغي أنّ ‘’كلّ التيارات الفكرية، وكلّ المذاهب الإسلامية هي بالنسبة إليه إلحاد صارخ، ولم يَنج من تكفيره حتى الغزالي، حيث قذفه هو نفسه بالقرمطة والباطنية، على الرغم من أن الغزالي كتب فضائح الباطنية. وفي ‘’الردّ على المنطقيين’’ يتوسّع في اتهاماته للغزالي ويذكر النوادر والأشعار القادحة فيه، كي يُدمجه في الفئة التي يمقتها،أي الصوفية والباطنية والشيعة’’، ويرفع صوته عالياً بالمطالبة من ‘’أي من أولئك الذين يزعمون بأن ابن تيمية هو أعظم فيلسوف في الإسلام، وهو الذي حطم منطق أرسطو، أن يُعطيني نصا واحدا من نصوص فلاسفة الإسلام فيه عنف وتكفير وإقصاء مثيل لما أورده ابن تيمية’’. أما ابن خلدون فإنّ المزوغي يرصد مفارقات جليّة في موقفه من الفلسفة، الأمر الذي يُحيط من معالجته لها بكثيرٍ من الالتباس.
* ثمّة خلاف حول حقيقة ‘’الفلسفة الإسلاميّة’’ فيما بين الإسلاميين أنفسهم، وبين الدّارسين للفلسفة، والخلاف يدور حول مدى صحّة التسمية (الفلسفة الإسلاميّة) إلى الاشتباك حول إشكالية العقل الفلسفي (العقلانيّة) ذاتها في الفكر العربي والإسلامي المعاصر.
- الخلاف ليس فقط من جهة التسمية، بل أيضاً من جهة المنهج والمحتوى. الإسلاميون لا يعتنون كثيراً بالفلسفة على وجه العموم ولا بالفلسفة الإسلامية على وجه الخصوص، لأن الفلسفة حسب معتقدهم كفر. ثم إنّ أكثر المؤلفات توثيقاً وعمقاً عن الفلسفة الإسلامية كتبها مؤرّخون وفلاسفة غربيون. الإسلاميون المتماسكون يسيرون على نهج ابن تيمية وأمثاله من الفقهاء في جميع مذاهب الإسلام؛ الذين كفَروا الفلاسفة وأدرجوا صناعتها في عداد المحرّمات. ولذلك فإنّ الفلسفة مازالت إلى يومنا هذا ممنوعة في بعض بلدان الخليج، وكانت هناك محاولات لمنعها حتى في الجزائر. أما القلة من المتديّنين الذين يشتغلون بها؛ فهم يُطوّعونها وينزعوا عنها هالتها الهرطقية لكي تغدو نوعاً من الفقه أو اللاهوت الكلامي إنْ صح التعبير.
تضارب المنظومة الدّينيّة مع المنظومة الفلسفيّة
* ولكن التسمية ذاتها هي محلّ نقاش بين فقهاء المسلمين أنفسهم.
- أجل، التسمية بحدّ ذاتها تُسبّب بعض القلق، لأن الفلسفة - بما هي خطاب عقلاني نقدي - لا يمكن أن تكون مسيحية أو يهودية أو إسلامية. الفلسفة ليست لديها دين أو ملة تقيّدها. هناك من العلماء الغربيين منْ رفض هذه التسمية، واعتبر الفلسفة المسيحية مجرّد تركيب ما بعدي اصطنعه المفكّرون المسيحيون لإدماج التراث المسيحي في صلب العقلانية اليونانية. لكن حسب رأيي، إنْ كانت التسمية غرضها يكتفي فقط بالتحقيب الزّمني الحضاري، ونقصد بها النسق الفكري الفلسفي الذي اُبتدع في العالم الإسلامي، أو العالم المسيحي أو اليهودي؛ فلا بأس بها. ومع ذلك، لا ينبغي أن نشوّش ونهمّش محتواها ونُرجعها إلى نوعٍ من الفقه أو اللاهوت، لأن الفلسفة الإسلامية، من الإسلام ليس لها إلاّ الاسم.
* لا شكّ أنّ هذا التحفظ والقلق مبنيّ على اعتقاد بالتعارض بين الدين والفلسفة. أليس كذلك؟
- نعم، وقد تفطّن المتديّنون في جميع المِلل إلى هذه الحقيقة، أعني اختلاف وتضارب المنظومة الفلسفية مع منظومة المعتقدات الدّينيّة. باسكال قال: ‘’الإيمان هو مختلف عن البرهان: الأول إنساني والثاني هبة من الله.. تجعل المرء يقول لا أعلم، بل أومن’’. هذا التوتر بين البرهان العقلاني والهبة الإلهية غير وارد في الفلسفة اليونانية، لأن الفلسفة بما هي فحص عقلاني في الوجود، تعتمد أساساً على المعاينة المباشرة والتجربة، وليس على السّماع أو الإيمان الموهوب من قوى عليا. العقل الفلسفي العلمي هو عقل استكشافي، والحقيقة تأتي إثر فحص دقيق للعالم الذي حولنا، ويُغذّيها الفضول والانبهار أمام ظواهر الطبيعة. ومع ولادة الفلسفة فإن البحث العقلاني حلّ محلّ المعتقدات الدّينية، التي أصبحت - حسب أرسطو - مجرّد حكايات أسطورية، غير قادرة على إنتاج معرفة علميّة مبنيّة على ‘’اللوغوس’’. بالنسبة لفيلسوف عربي إسلامي تربَّى على كتب أرسطو وتشبّع بالفلسفة اليونانية فإنّ ما جاء في القرآن يتناقض رأساً مع قناعاته الفلسفية: في الوقت الذي يتمحور فيه الفكر الدّيني حول الإله وانتظار الخلاص الأخروي، فإنّ الفكر الفلسفي يتمحور حول الطبيعة والظواهر الكونيّة. الطبيعة هي كيان مكتفٍ بذاته، يسير حسب قوانين ضرورية وشاملة. ليس هناك في أيّ نصّ من النصوص القديمة تعريف للطبيعة دقيقٍ ومطهّر من أيّ بُعدٍ من الأبعاد الدّينيّة كما نجده عند أرسطو. حسب هذا التعريف الطبيعة ليست إلاّ: «مبدأً ما وسبباً لأن يتحرك ويسكن الشيء الذي هي فيه أوّلا وبالذات لا بطريق العرض». ليس هناك خلق ولا بدء من عدم، فكلّ تغيّر يحدث في الطبيعة هو نتيجة لحركةٍ سابقة، ومن المستحيل أن يحدث شيء دون حركة، وبالتالي فإنّ الحركة ليست لها بداية، لأنه لو كانت لها بداية لكانت محدثة ولكانت هناك حركة أُولى غير مسبوقة بحركة وهو خلف.
اتحاد المِلل ضد الفسلفة
* قلتَ بأن ‘’الفلسفة الإسلامية مِن الإسلام ليس لها إلاّ الاسم’’، فهل يمكن توضيح ذلك أكثر؟
- نعم، السبب في ذلك أنها ليست متقيّدة بتعاليم الدين، ولا تعتمد على الإيمان لحلّ الإشكالات الفلسفية المطروحة. هذا الأمر مُعاين مباشرة من خلال نصوص الفلاسفة حتى وإنْ واروا آراءهم بعض الشيء خلف الغموض أو التقيّة. لكن مهما فعلوا فإنّ هرطقتهم تطفو على السّطح في مواضع عديدة من نصوصهم. ثم إنّ الفقهاء والمتكلمين ناهضوا الفلاسفة لهذا السّبب بالذات، ومن المذهل أن ينضمّ إلى إدانة الفلاسفة المسلمين، ليس فقط فقهاء ومتكلّمون مسلمون؛ بل أيضاً متكلّمون مسيحيون، رغم عدم التواصل المباشر بينهم. لكن النصوص بمفردها هي التي جمعت ووحّدت أصحاب المِلل ضد الفلاسفة. نحن نعلم كيف أن الغزالي كفّر الفلاسفة في ثلاث مسائل: قِدم العالم، عدم إحاطة العلم الإلهي بالأشخاص، وإنكار بعث الأجساد وحشرها. الفلاسفة حسب زعمه قتلوا الإله لأنهم اعتبروه جوهراً بسيطاً لا ماهية له ولا حقيقة، ولا علم له بما يجري في العالم وبما يلزم ذاته ويصدر عنه. إذا انتقلنا إلى العالم المسيحي فإننا سنرى نفس الإدانة، وتقريباً بنفس العبارات، يطلقها المتكلم إيدجيديوس رومانوس (Aegidius Romanus, 1243-1316) ضد الفلاسفة المسلمين وخصوصا ضد ابن سينا وابن رشد.
* كيف تقيّم منْ يتحدّث عن بعض الفقهاء باعتبارهم فلاسفة، برغم موقفهم المناوئ لها؟
- الإدانات والتكفير متهافتة ضد الفلسفة من كل صوب وحدب، ومن كل الملل، والغريب في الأمر أن هناك منْ يحاول تزوير التاريخ ويجعل ممّن كفر الفلاسفة وتهجّم عليهم جهارا وربّما بسببه مُنع تعليم الفلسفة في المدارس والجامعات السعودية؛ هو بطلها الأكبر. وأعني بالتحديد أنصاف المتعلّمين ممن يزعمون أن ابن تيمية وابن خلدون هما أعظم فلاسفة الإسلام، أو أنهم قضوا على أفلاطون وأرسطو. هذا تزوير للتاريخ، بل وتشويه لمسار الفلسفة الإسلامية برمتها. كيف تؤول ريادة الفلسفة في العالم العربي إلى رجل سبّ الفلاسفة وقال بأنهم أبشع من مشركي عرب الجاهلية؟ كيف يمكن وضع هذا الرجل على قدم المساواة مع أمير العلماء أرسطو؟ إنه مجرّد عبث واستفزاز لا غير ولو بقي هكذا في رؤوسهم لما استشعرناه ولما اكترثنا به إطلاقا، ولكن للأسف فهو مسطّر في المقالات والكتب، ويُروّج له في المحافل. ابن تيمية لم يكن فيلسوفاً، وما كان غرضه الاعتناء بالفلسفة وتطويرها من الداخل، بل هو مجرد فقيه حنبلي يكن للفلسفة أشد العداوة. فرغم أنه استغلّ ما أتيح له من مقولات الفلاسفة لبناء بعض أفكاره، يعمد إلى محاسبتهم على توجهاتهم ويحكم عليهم بحسب التزاماتهم وميولاتهم.
ابن تيمية ولاهوت الشيطان
* لكن.. ما تحليلك لموضعة ابن تيمة في سياق التفلسف بالنسبة لبعض الإسلاميين؟
- الإسلاميون الذين يزعمون تفلسف ابن تيمية عليهم أن يكونوا منسجمين مع أنفسهم، لا ينبغي أن يُقطّعوه إربا إربا، ويأخذوا ما يروق لهم ويسكتوا عن الباقي. لقد تهجّم على المتديّنين في جميع الملل، رافعا عنهم صفة التقوى، وقاذفا إياهم بالكُفر حتى وإن كانوا مجتهدين ‘’في العلم والزهد والعبادة’’، كما يقول في الفرقان بين أولياء الرحمان وأولياء الشيطان. إن شرط الإنسانية التقيّة، بالنسبة إليه، يقتصر فقط على الإيمان بما جاء في الإسلام كما أوّله هو. علوم الفلاسفة وتنسّك عبّاد أهل الأديان الأخرى، هي ليست إلاّ هلوسات الشياطين، جميعهم أولياء الشيطان وليسوا بأولياء الرحمان ‘’ولهذا تنزّلت عليهم الشياطين واقترنت بهم فصاروا من أولياء الشيطان لا من أولياء الرحمان’’. لاهوت الشيطان استحوذ على عقل الفيلسوف المزعوم، ابن تيمية، وتَحكّم في نظرته للعالم، إلى درجة أنه لا يرى أمامه إلاّ شياطين في كل مكان، وحتى الحيوانات البريئة لم تنجُ من هوسه، لأنه ألبسها رداء الشياطين، ودعا إلى إبادتها في أي مكان حلّت به. حيثما ولّينا وجوهنا وتصفحنا كتبه لا نعثر على فلسفة البتة، بل على نقيضها، أعني التكفير والإقصاء، واستخدام لهجة شديدة تصل إلى حدّ السباب. إن نظرة ابن تيمية للتاريخ والمجتمع لهي في القطب النقيض لأبسط معاير الفكر الفلسفي، إنها الضد الطبيعي لفكر الانفتاح والعقلانية. الاختلاف والمغايرة والرأي النقيض مرفوضة من الأساس، بل هي مدانة عند من حاول تفعيلها في تلك الفترة في العالم الإسلامي.
ابن خلدون ومفارقاته بين العقل والفلسفة
* وماذا عن ابن خلدون.. إنه يمثل نموذجاً آخر في هذا المقام.
- أرى أن ابن خلدون لا يشذّ عن هذه القاعدة، وكما فعل ابن تيمية، فإن تقنيةَ الحطّ من الفلاسفة وعلومهم هي السمة المميزة لموقفه منهم. الكفر والجهل والفساد هي النعوت الوحيدة التي استعملها في حقّ الفلاسفة. يقول حاكيا تاريخ فلاسفة الإسلام وكيفية دخول الفلسفة اليونانية للعالم الإسلامي: ‘’ثم كان من بعده [أرسطو] في الإسلام من أخذ بتلك المذاهب (...) وأخذ من مذاهبهم مَن أضلّه الله مِن مُنتحلي العلوم وجادلوا عنها واختلفوا في مسائل من تفاريعها وكان من أشهرهم أبو نصر الفارابي...وأبو عليّ ابن سينا...وغيرهما’’. مَن يتكلّم في الفلاسفة بهذه النبرة ومَن يَصفهم بهذه الأوصاف فهو لا ينتقد علومهم فقط، أعني الفلسفة، بل إنه يُدين شرعيّا أشخاصهم وذاكرتهم، هذا إن لم يُقصِهم نهائيا من صلب الأمّة الإسلامية: رجال أضلّهم الله، انتحلوا العلوم اليونانية، ليس الأوائل فقط بل إن ابن خلدون يقصد حتى المتأخرين من الفلاسفة.
* ولكن ابن خلدون أجلّ العقل ورفع من قيمته المعرفيّة.. فكيف يستقيم ذلك مع ما تذكره؟
- من المفارقات العجيبة أنّ ابن خلدون يؤكّد في إحدى صفحات ‘’المقدمة’’ قائلا بأن كلامه ‘’ليس بقادح في العقل ومداركه بل العقل ميزان صحيح. فأحكامه يقينية لا كذب فيها’’. وكلّ الذين دافعوا عن فكرة أن ابن خلدون لا ينقد الفلسفة بل الميتافيزيقا، استدلّوا بهذا النصّ وبعبارت مشابهة. أين تكمن الإشكالية وأين التضارب بين الفلاسفة وابن خلدون إذا كان كلّ منهما يدعو للعقل ويعتبر أحكامه يقينية؟ ‘’غير أنك لا تطمع أن تزن به أمور التوحيد والآخرة وحقيقة النبوءة وحقائق الصفات الإلهية وكلّ ما وراء طوره فإنّ ذلك طمع في محال’’. إذا أُخذت على ظاهرها فإنّ هذه الكلمات تبدو معقولة ونزيهة ولكن في الحقيقة غايتها واحدة، ألا وهي التقليل من سلطة العقل والحدّ من قدرته على معرفة الكون، لأن مَن فتح هذه الثغرة فقد يواصلها ويعمّمها كي تشمل أكبر قدر ممكن من قطاعات النظر الإنساني ولا تترك للعقل أي منفذ لإدراك حقيقة الأشياء في ذاتها. والدليل المدعّم لرأيي هذا هو أن ابن خلدون ـ في انسجام مع موقفه الفقهي الرّافض للفلسفة ككلّ ولقدرة العقل بمفرده الحيازة على المعرفة الشاملة بالأشياء ـ يَرفَع اليقين حتى عن العلوم الطبيعية، ويسحب منها أية قيمة نظرية أو عملية، ناصحا المسلمين بالإعراض ‘’عن النظر فيها [أي العلوم الطبيعية[ إذ هو مِن تَرك المسلم لما لا يعنيه. فإن مسائل الطبيعيات لا تهمّنا في ديننا ولا معاشنا فوجب علينا تركها’’. لو أن أحدا من المسلمين عمل بنصيحة ابن خلدون لما أنتج علما ولما دار بخلده، يوما ما، أن يَنكبّ على دراسة ظواهر الطبيعة دراسة علميّة جدّية ولَحُرمنا من ابن سينا وابداعاته في الطبّ وابن رشد في الفلسفة وفي الطبيعيات وابن الهيثم في علم البصريّات والإدريسي في الجغرافيا. ونصيحة ابن خلدون، بالإقلاع عن الخوض في مثل تلك المسائل الطبيعية لأنها لا تهمّ المسلم في دينه ولا في معاشه، هي نابعة من نظرة فقهيّة نفعيّة للعلوم: العلم الذي لا يؤدّي إلى الإيمان هو علم ضارّ ولا مصلحة فيه. هذا ليس بالمثال الذي ينبغي الاستمساك به أو محاكاته لأن الفلسفة والعلوم النظرية التي أُسّست على الفضول الفكري البحت دون غاية العمل، واتخذت من غايتها الأولى اشباع نهمنا المعرفي ورفع حالة الجهل عن عقولنا، هي التي أنتجت أعظم ما نملكه ككائنات مفكّرة وحيدة من نوعها في هذا الكون. ولو اختفت، لبرهة من الزمن، تلك الطاقة الذهنيّة أو غاب ذاك الفضول النظري لفسد كلّ ما في الأرض ولعاد الإنسان، حقّا، إلى حالة مرعبة جدّا من التوحّش.</SPAN>
* ثمّة خلاف حول حقيقة ‘’الفلسفة الإسلاميّة’’ فيما بين الإسلاميين أنفسهم، وبين الدّارسين للفلسفة، والخلاف يدور حول مدى صحّة التسمية (الفلسفة الإسلاميّة) إلى الاشتباك حول إشكالية العقل الفلسفي (العقلانيّة) ذاتها في الفكر العربي والإسلامي المعاصر.
- الخلاف ليس فقط من جهة التسمية، بل أيضاً من جهة المنهج والمحتوى. الإسلاميون لا يعتنون كثيراً بالفلسفة على وجه العموم ولا بالفلسفة الإسلامية على وجه الخصوص، لأن الفلسفة حسب معتقدهم كفر. ثم إنّ أكثر المؤلفات توثيقاً وعمقاً عن الفلسفة الإسلامية كتبها مؤرّخون وفلاسفة غربيون. الإسلاميون المتماسكون يسيرون على نهج ابن تيمية وأمثاله من الفقهاء في جميع مذاهب الإسلام؛ الذين كفَروا الفلاسفة وأدرجوا صناعتها في عداد المحرّمات. ولذلك فإنّ الفلسفة مازالت إلى يومنا هذا ممنوعة في بعض بلدان الخليج، وكانت هناك محاولات لمنعها حتى في الجزائر. أما القلة من المتديّنين الذين يشتغلون بها؛ فهم يُطوّعونها وينزعوا عنها هالتها الهرطقية لكي تغدو نوعاً من الفقه أو اللاهوت الكلامي إنْ صح التعبير.
تضارب المنظومة الدّينيّة مع المنظومة الفلسفيّة
* ولكن التسمية ذاتها هي محلّ نقاش بين فقهاء المسلمين أنفسهم.
- أجل، التسمية بحدّ ذاتها تُسبّب بعض القلق، لأن الفلسفة - بما هي خطاب عقلاني نقدي - لا يمكن أن تكون مسيحية أو يهودية أو إسلامية. الفلسفة ليست لديها دين أو ملة تقيّدها. هناك من العلماء الغربيين منْ رفض هذه التسمية، واعتبر الفلسفة المسيحية مجرّد تركيب ما بعدي اصطنعه المفكّرون المسيحيون لإدماج التراث المسيحي في صلب العقلانية اليونانية. لكن حسب رأيي، إنْ كانت التسمية غرضها يكتفي فقط بالتحقيب الزّمني الحضاري، ونقصد بها النسق الفكري الفلسفي الذي اُبتدع في العالم الإسلامي، أو العالم المسيحي أو اليهودي؛ فلا بأس بها. ومع ذلك، لا ينبغي أن نشوّش ونهمّش محتواها ونُرجعها إلى نوعٍ من الفقه أو اللاهوت، لأن الفلسفة الإسلامية، من الإسلام ليس لها إلاّ الاسم.
* لا شكّ أنّ هذا التحفظ والقلق مبنيّ على اعتقاد بالتعارض بين الدين والفلسفة. أليس كذلك؟
- نعم، وقد تفطّن المتديّنون في جميع المِلل إلى هذه الحقيقة، أعني اختلاف وتضارب المنظومة الفلسفية مع منظومة المعتقدات الدّينيّة. باسكال قال: ‘’الإيمان هو مختلف عن البرهان: الأول إنساني والثاني هبة من الله.. تجعل المرء يقول لا أعلم، بل أومن’’. هذا التوتر بين البرهان العقلاني والهبة الإلهية غير وارد في الفلسفة اليونانية، لأن الفلسفة بما هي فحص عقلاني في الوجود، تعتمد أساساً على المعاينة المباشرة والتجربة، وليس على السّماع أو الإيمان الموهوب من قوى عليا. العقل الفلسفي العلمي هو عقل استكشافي، والحقيقة تأتي إثر فحص دقيق للعالم الذي حولنا، ويُغذّيها الفضول والانبهار أمام ظواهر الطبيعة. ومع ولادة الفلسفة فإن البحث العقلاني حلّ محلّ المعتقدات الدّينية، التي أصبحت - حسب أرسطو - مجرّد حكايات أسطورية، غير قادرة على إنتاج معرفة علميّة مبنيّة على ‘’اللوغوس’’. بالنسبة لفيلسوف عربي إسلامي تربَّى على كتب أرسطو وتشبّع بالفلسفة اليونانية فإنّ ما جاء في القرآن يتناقض رأساً مع قناعاته الفلسفية: في الوقت الذي يتمحور فيه الفكر الدّيني حول الإله وانتظار الخلاص الأخروي، فإنّ الفكر الفلسفي يتمحور حول الطبيعة والظواهر الكونيّة. الطبيعة هي كيان مكتفٍ بذاته، يسير حسب قوانين ضرورية وشاملة. ليس هناك في أيّ نصّ من النصوص القديمة تعريف للطبيعة دقيقٍ ومطهّر من أيّ بُعدٍ من الأبعاد الدّينيّة كما نجده عند أرسطو. حسب هذا التعريف الطبيعة ليست إلاّ: «مبدأً ما وسبباً لأن يتحرك ويسكن الشيء الذي هي فيه أوّلا وبالذات لا بطريق العرض». ليس هناك خلق ولا بدء من عدم، فكلّ تغيّر يحدث في الطبيعة هو نتيجة لحركةٍ سابقة، ومن المستحيل أن يحدث شيء دون حركة، وبالتالي فإنّ الحركة ليست لها بداية، لأنه لو كانت لها بداية لكانت محدثة ولكانت هناك حركة أُولى غير مسبوقة بحركة وهو خلف.
اتحاد المِلل ضد الفسلفة
* قلتَ بأن ‘’الفلسفة الإسلامية مِن الإسلام ليس لها إلاّ الاسم’’، فهل يمكن توضيح ذلك أكثر؟
- نعم، السبب في ذلك أنها ليست متقيّدة بتعاليم الدين، ولا تعتمد على الإيمان لحلّ الإشكالات الفلسفية المطروحة. هذا الأمر مُعاين مباشرة من خلال نصوص الفلاسفة حتى وإنْ واروا آراءهم بعض الشيء خلف الغموض أو التقيّة. لكن مهما فعلوا فإنّ هرطقتهم تطفو على السّطح في مواضع عديدة من نصوصهم. ثم إنّ الفقهاء والمتكلمين ناهضوا الفلاسفة لهذا السّبب بالذات، ومن المذهل أن ينضمّ إلى إدانة الفلاسفة المسلمين، ليس فقط فقهاء ومتكلّمون مسلمون؛ بل أيضاً متكلّمون مسيحيون، رغم عدم التواصل المباشر بينهم. لكن النصوص بمفردها هي التي جمعت ووحّدت أصحاب المِلل ضد الفلاسفة. نحن نعلم كيف أن الغزالي كفّر الفلاسفة في ثلاث مسائل: قِدم العالم، عدم إحاطة العلم الإلهي بالأشخاص، وإنكار بعث الأجساد وحشرها. الفلاسفة حسب زعمه قتلوا الإله لأنهم اعتبروه جوهراً بسيطاً لا ماهية له ولا حقيقة، ولا علم له بما يجري في العالم وبما يلزم ذاته ويصدر عنه. إذا انتقلنا إلى العالم المسيحي فإننا سنرى نفس الإدانة، وتقريباً بنفس العبارات، يطلقها المتكلم إيدجيديوس رومانوس (Aegidius Romanus, 1243-1316) ضد الفلاسفة المسلمين وخصوصا ضد ابن سينا وابن رشد.
* كيف تقيّم منْ يتحدّث عن بعض الفقهاء باعتبارهم فلاسفة، برغم موقفهم المناوئ لها؟
- الإدانات والتكفير متهافتة ضد الفلسفة من كل صوب وحدب، ومن كل الملل، والغريب في الأمر أن هناك منْ يحاول تزوير التاريخ ويجعل ممّن كفر الفلاسفة وتهجّم عليهم جهارا وربّما بسببه مُنع تعليم الفلسفة في المدارس والجامعات السعودية؛ هو بطلها الأكبر. وأعني بالتحديد أنصاف المتعلّمين ممن يزعمون أن ابن تيمية وابن خلدون هما أعظم فلاسفة الإسلام، أو أنهم قضوا على أفلاطون وأرسطو. هذا تزوير للتاريخ، بل وتشويه لمسار الفلسفة الإسلامية برمتها. كيف تؤول ريادة الفلسفة في العالم العربي إلى رجل سبّ الفلاسفة وقال بأنهم أبشع من مشركي عرب الجاهلية؟ كيف يمكن وضع هذا الرجل على قدم المساواة مع أمير العلماء أرسطو؟ إنه مجرّد عبث واستفزاز لا غير ولو بقي هكذا في رؤوسهم لما استشعرناه ولما اكترثنا به إطلاقا، ولكن للأسف فهو مسطّر في المقالات والكتب، ويُروّج له في المحافل. ابن تيمية لم يكن فيلسوفاً، وما كان غرضه الاعتناء بالفلسفة وتطويرها من الداخل، بل هو مجرد فقيه حنبلي يكن للفلسفة أشد العداوة. فرغم أنه استغلّ ما أتيح له من مقولات الفلاسفة لبناء بعض أفكاره، يعمد إلى محاسبتهم على توجهاتهم ويحكم عليهم بحسب التزاماتهم وميولاتهم.
ابن تيمية ولاهوت الشيطان
* لكن.. ما تحليلك لموضعة ابن تيمة في سياق التفلسف بالنسبة لبعض الإسلاميين؟
- الإسلاميون الذين يزعمون تفلسف ابن تيمية عليهم أن يكونوا منسجمين مع أنفسهم، لا ينبغي أن يُقطّعوه إربا إربا، ويأخذوا ما يروق لهم ويسكتوا عن الباقي. لقد تهجّم على المتديّنين في جميع الملل، رافعا عنهم صفة التقوى، وقاذفا إياهم بالكُفر حتى وإن كانوا مجتهدين ‘’في العلم والزهد والعبادة’’، كما يقول في الفرقان بين أولياء الرحمان وأولياء الشيطان. إن شرط الإنسانية التقيّة، بالنسبة إليه، يقتصر فقط على الإيمان بما جاء في الإسلام كما أوّله هو. علوم الفلاسفة وتنسّك عبّاد أهل الأديان الأخرى، هي ليست إلاّ هلوسات الشياطين، جميعهم أولياء الشيطان وليسوا بأولياء الرحمان ‘’ولهذا تنزّلت عليهم الشياطين واقترنت بهم فصاروا من أولياء الشيطان لا من أولياء الرحمان’’. لاهوت الشيطان استحوذ على عقل الفيلسوف المزعوم، ابن تيمية، وتَحكّم في نظرته للعالم، إلى درجة أنه لا يرى أمامه إلاّ شياطين في كل مكان، وحتى الحيوانات البريئة لم تنجُ من هوسه، لأنه ألبسها رداء الشياطين، ودعا إلى إبادتها في أي مكان حلّت به. حيثما ولّينا وجوهنا وتصفحنا كتبه لا نعثر على فلسفة البتة، بل على نقيضها، أعني التكفير والإقصاء، واستخدام لهجة شديدة تصل إلى حدّ السباب. إن نظرة ابن تيمية للتاريخ والمجتمع لهي في القطب النقيض لأبسط معاير الفكر الفلسفي، إنها الضد الطبيعي لفكر الانفتاح والعقلانية. الاختلاف والمغايرة والرأي النقيض مرفوضة من الأساس، بل هي مدانة عند من حاول تفعيلها في تلك الفترة في العالم الإسلامي.
ابن خلدون ومفارقاته بين العقل والفلسفة
* وماذا عن ابن خلدون.. إنه يمثل نموذجاً آخر في هذا المقام.
- أرى أن ابن خلدون لا يشذّ عن هذه القاعدة، وكما فعل ابن تيمية، فإن تقنيةَ الحطّ من الفلاسفة وعلومهم هي السمة المميزة لموقفه منهم. الكفر والجهل والفساد هي النعوت الوحيدة التي استعملها في حقّ الفلاسفة. يقول حاكيا تاريخ فلاسفة الإسلام وكيفية دخول الفلسفة اليونانية للعالم الإسلامي: ‘’ثم كان من بعده [أرسطو] في الإسلام من أخذ بتلك المذاهب (...) وأخذ من مذاهبهم مَن أضلّه الله مِن مُنتحلي العلوم وجادلوا عنها واختلفوا في مسائل من تفاريعها وكان من أشهرهم أبو نصر الفارابي...وأبو عليّ ابن سينا...وغيرهما’’. مَن يتكلّم في الفلاسفة بهذه النبرة ومَن يَصفهم بهذه الأوصاف فهو لا ينتقد علومهم فقط، أعني الفلسفة، بل إنه يُدين شرعيّا أشخاصهم وذاكرتهم، هذا إن لم يُقصِهم نهائيا من صلب الأمّة الإسلامية: رجال أضلّهم الله، انتحلوا العلوم اليونانية، ليس الأوائل فقط بل إن ابن خلدون يقصد حتى المتأخرين من الفلاسفة.
* ولكن ابن خلدون أجلّ العقل ورفع من قيمته المعرفيّة.. فكيف يستقيم ذلك مع ما تذكره؟
- من المفارقات العجيبة أنّ ابن خلدون يؤكّد في إحدى صفحات ‘’المقدمة’’ قائلا بأن كلامه ‘’ليس بقادح في العقل ومداركه بل العقل ميزان صحيح. فأحكامه يقينية لا كذب فيها’’. وكلّ الذين دافعوا عن فكرة أن ابن خلدون لا ينقد الفلسفة بل الميتافيزيقا، استدلّوا بهذا النصّ وبعبارت مشابهة. أين تكمن الإشكالية وأين التضارب بين الفلاسفة وابن خلدون إذا كان كلّ منهما يدعو للعقل ويعتبر أحكامه يقينية؟ ‘’غير أنك لا تطمع أن تزن به أمور التوحيد والآخرة وحقيقة النبوءة وحقائق الصفات الإلهية وكلّ ما وراء طوره فإنّ ذلك طمع في محال’’. إذا أُخذت على ظاهرها فإنّ هذه الكلمات تبدو معقولة ونزيهة ولكن في الحقيقة غايتها واحدة، ألا وهي التقليل من سلطة العقل والحدّ من قدرته على معرفة الكون، لأن مَن فتح هذه الثغرة فقد يواصلها ويعمّمها كي تشمل أكبر قدر ممكن من قطاعات النظر الإنساني ولا تترك للعقل أي منفذ لإدراك حقيقة الأشياء في ذاتها. والدليل المدعّم لرأيي هذا هو أن ابن خلدون ـ في انسجام مع موقفه الفقهي الرّافض للفلسفة ككلّ ولقدرة العقل بمفرده الحيازة على المعرفة الشاملة بالأشياء ـ يَرفَع اليقين حتى عن العلوم الطبيعية، ويسحب منها أية قيمة نظرية أو عملية، ناصحا المسلمين بالإعراض ‘’عن النظر فيها [أي العلوم الطبيعية[ إذ هو مِن تَرك المسلم لما لا يعنيه. فإن مسائل الطبيعيات لا تهمّنا في ديننا ولا معاشنا فوجب علينا تركها’’. لو أن أحدا من المسلمين عمل بنصيحة ابن خلدون لما أنتج علما ولما دار بخلده، يوما ما، أن يَنكبّ على دراسة ظواهر الطبيعة دراسة علميّة جدّية ولَحُرمنا من ابن سينا وابداعاته في الطبّ وابن رشد في الفلسفة وفي الطبيعيات وابن الهيثم في علم البصريّات والإدريسي في الجغرافيا. ونصيحة ابن خلدون، بالإقلاع عن الخوض في مثل تلك المسائل الطبيعية لأنها لا تهمّ المسلم في دينه ولا في معاشه، هي نابعة من نظرة فقهيّة نفعيّة للعلوم: العلم الذي لا يؤدّي إلى الإيمان هو علم ضارّ ولا مصلحة فيه. هذا ليس بالمثال الذي ينبغي الاستمساك به أو محاكاته لأن الفلسفة والعلوم النظرية التي أُسّست على الفضول الفكري البحت دون غاية العمل، واتخذت من غايتها الأولى اشباع نهمنا المعرفي ورفع حالة الجهل عن عقولنا، هي التي أنتجت أعظم ما نملكه ككائنات مفكّرة وحيدة من نوعها في هذا الكون. ولو اختفت، لبرهة من الزمن، تلك الطاقة الذهنيّة أو غاب ذاك الفضول النظري لفسد كلّ ما في الأرض ولعاد الإنسان، حقّا، إلى حالة مرعبة جدّا من التوحّش.</SPAN>
رد: ليس في الفلسفة الإسلاميّة من الإسلام إلا التسمية
بارك الله فيك و جزاك الجنة عن كل حرف تكتبه و تبتغي به وجهه الكريم
مؤمنة بالله- مشرفة
-
رسالة sms : في أمان الله
الهويات :
المهن :
الاعلام :
الجنس :
عدد الرسائل : 1462
نقاط التميز : 17060
تاريخ التسجيل : 24/11/2010
رد: ليس في الفلسفة الإسلاميّة من الإسلام إلا التسمية
صدقت
يعطيك الصحة
بارك الله فيك
يعطيك الصحة
بارك الله فيك
Otba- عضو ماسي
-
رسالة sms :
الهويات :
الاعلام :
الجنس :
عدد الرسائل : 401
نقاط التميز : 15747
تاريخ التسجيل : 18/11/2010
مواضيع مماثلة
» طلبة الفلسفة
» طلبة الفلسفة بباتنة غاضبون
» طلبة الفلسفة بباتنة ينظمون ملتقى وطني
» فيديو جد مؤثر الى متى يا أمة الإسلام
» الموضوع: من درر شيخ الإسلام ابن تيمية
» طلبة الفلسفة بباتنة غاضبون
» طلبة الفلسفة بباتنة ينظمون ملتقى وطني
» فيديو جد مؤثر الى متى يا أمة الإسلام
» الموضوع: من درر شيخ الإسلام ابن تيمية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس يناير 26, 2023 4:51 pm من طرف guerna noureddine
» حضارات ماقبل التاريخ
الخميس نوفمبر 16, 2017 5:36 pm من طرف بن عامر لخضر
» واد سوف على مر الزمان ثاني اكبر معلم تاريخي فالجزائر
الخميس نوفمبر 16, 2017 5:34 pm من طرف بن عامر لخضر
» من أقطابنا لبرج الغدير : زاوية سيدي احسن بلدية غيلاسة دائرة برج الغدير
الثلاثاء نوفمبر 14, 2017 6:38 pm من طرف بن عامر لخضر
» انتشار الامازيغ
الأحد أكتوبر 22, 2017 6:40 am من طرف بن عامر لخضر
» من اقطابنا لبرج الغدير: رحلة في ذكرى 8ماي1945( بئر ميشوبأولاد سي احمد )
السبت أكتوبر 21, 2017 5:56 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : منارة علم بقرية الدشرة ( مسجد الحاج الشريف )
الأحد أكتوبر 08, 2017 1:09 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : منارة علم بقرية الدشرة ( مسجد الحاج الشريف )
الأحد أكتوبر 08, 2017 12:57 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : معلم أثري يكاد يندثر ( الضريح الروماني ببرج الشميسة )
الإثنين أكتوبر 02, 2017 6:42 am من طرف بن عامر لخضر
» مجموعة أطروحات دكتوراه دولة في الإقتصاد.
الجمعة مارس 31, 2017 9:25 pm من طرف yacine ha
» بعض من مؤلفات الدكتور محمد الصغير غانم
الثلاثاء مارس 21, 2017 8:42 am من طرف cherifa cherifa
» ربح المال مجانا من الانترنت
السبت فبراير 25, 2017 9:15 am من طرف mounir moon
» موسوعة كتب الطبخ
الجمعة فبراير 24, 2017 4:43 pm من طرف mounir moon
» cours 3eme année vétérinaire
الجمعة فبراير 24, 2017 4:38 pm من طرف mounir moon
» اين انتم
الإثنين فبراير 13, 2017 2:47 pm من طرف guerna noureddine