ترتيب الكلم وفق نظرية النظم*
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ترتيب الكلم وفق نظرية النظم*
ترتيب الكلم وفق نظرية النظم*
بقلم: علاء الدين زكي
يميز الإمام عبد القاهر الجرجاني نوعين من تقديم الكلمات في الجملة: تقديم لا يغير الوصف الإعرابي للكلمة المقدمة, وتقديم يغير وصفها الإعرابي, فيقول:
(( واعلم أن تقديم الشيء على وجهين: تقديم يقال: انه على نية التأخير، وذلك في كل شيء أقررته مع التقديم على حكمه الذي كان عليه، و في جنسه الذي كان فيه، كخبر المبتدأ إذا قدمته على المبتدأ، و المفعول إذا قدمته على الفاعل، كقولك (منطلق زيد) و ( ضرب عمرا زيد). معلوم أن (منطلق ) و)عمرا) لم يخرجا بالتقديم عما كانا عليه من كون هذا خبر مبتدأ ومرفوعا بذلك ، وكون ذلك مفعولا و منصوبا من أجله، كما يكون إذا أخرت. وتقديم لا على نية التأخير. ولكن على أن تنقل الشيء عن حكم إلى حكم, وتجعله بابا غير بابه, وإعرابا غير إعرابه ـ ومثال ذلك في ـ قولنا: (ضربت زيدا) و (زيد ضربته). لم تقدم (زيدا) على أن يكون مفعولا منصوبا بالفعل كما كان. ولكن على أن ترفعه بالابتداء، وتشغل الفعل بضميره وتجعله في موضع الخبر له)).
ويذكر الإمام الجرجاني أنه لا يكفي القول في التقديم للاهتمام و العناية، فلا بد من بيان سبب ذلك الاهتمام وتلك العناية، ويشير إلى ضرورة استنباط دستور يخضع له التقديم و التأخير، فيقول: (( واعلم أن من الخطأ أن يقسم الأمر في تقديم الشيء وتأخيره قسمين: فيجعل مفيدا في بعض الكلام، وغير مفيد في بعض. وأن يعلل تارة بالعناية وأخرى بأنه توسعة على الكاتب و الشاعر، حتى تطرد لهذا قوافيه ولذلك سجعه. ذلك لأن من البعيد أن يكون في جملة النظم ما يدل تارة ولا يدل أخرى. فمتى ثبت في تقديم المفعول مثلا على الفعل في كثير من الكلام: أن قد اختص بفائدة لا تكون الفائدة مع التأخير، فقد وجب أن تكون تلك قضية في كل شيء وكل حال )).
ويستنبط الإمام الجرجاني دستورا مفاده أن معنى ترتيب أجزاء الكلام في الاستفهام هو نفس معنى ذلك الترتيب في الخبر المنفي أو المثبت. وهكذا يبين الجرجاني العلاقة بين الاستفهام والنفي والإثبات، ويبين الإمام الجرجاني في هذا الدستور الوظيفة الأساسية للغة كأداة للاتصال حين يؤكد قائلا(ذلك لأنه يؤدي إلى أن تستعمله أمرا لا سبيل فيه إلى الجواب، وأن تستثبته المعنى على وجه ليس عنده عبارة يثبته لك بها على ذلك الوجه)).
ويبين الإمام الجرجاني أهمية الحذف في بعض المواطن من الجملة ،وذلك ((لأن ترك الذكر فيها أفصح من الذكر**، و الصمت عن الإفادة فيها أزيد للإفادة ، و المتكلم عندئذ أنطق ما يكون إذا لم ينطق ، و أتم ما يكون بيانا إذا لم يبن )).
و يقدم العديد من الأمثلة على صحة ما ذهب إليه ، فمن ذلك:
1ـ المواضع التي يحذف فيها الفاعل أو المفعول به ، وقاعدة ذلك (( أن حال الفاعل مع المفعول الذي يتعدى إليه، حاله مع الفاعل ، فكما أنك إذا قلت : (ضرب زيد ) فأسندت الفعل إلى الفاعل ، كان غرضك من ذلك أن تثبت الضرب فعلا له ، لا أن تفيد وجوب الضرب في نفسه و على الإطلاق.
كذلك:
إذا عديت الفعل إلى المفعول فقلت: (ضرب زيد عمرا ) كان غرضك أن تفيد التباس الضرب الواقع من الأول بالثاني ووقوعه عليه )) وإذا أريد الإخبار بوقوع الضرب ووجوده في الجملة من غير أن ينسب إلى فاعل أو مفعول ، فالعبارة فيه أن يقال كان ضرب ) أو ( وقع ضرب )
2ـ المواضع التي يحذف فيها المفعول لاثبات معنى الفعل لا غير، أو لكونه مقصودا وقصده معلوم، إلا أنه يحذف من اللفظ لدليل الحال عليه، ومثال ذلك في (( قولهم: ( أصغيت إليه )، وهم يريدون ـ أذني ـ، و( أغضيت إليه)، والمعنى ـ جفني ـ ))، و الله تعالى أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــ
* دلائل الإعجاز، عبد القاهر الجرجاني، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط5، 2004م، ص 106ـ171.
** يشير الأستاذ الدكتور محمد بركات أبو علي الى الجانب الديني ، وهو الدافع لهذا النوع من الحذف ، وبذلك تتميز فصاحة النظم ، تعففا عن ذكر ما يستقبح ذكره. لمزيد من البيان ـ على صعيد الدراسة الداخلية و الخارجية ــ انظر: معالم المنهج البلاغي عند عبد القاهر الجرجاني ، أ.د محمد بركات أبو علي، دار الفكر ـ عمان ، ط1 ،1984م، ص 45 ـ51.
بقلم: علاء الدين زكي
يميز الإمام عبد القاهر الجرجاني نوعين من تقديم الكلمات في الجملة: تقديم لا يغير الوصف الإعرابي للكلمة المقدمة, وتقديم يغير وصفها الإعرابي, فيقول:
(( واعلم أن تقديم الشيء على وجهين: تقديم يقال: انه على نية التأخير، وذلك في كل شيء أقررته مع التقديم على حكمه الذي كان عليه، و في جنسه الذي كان فيه، كخبر المبتدأ إذا قدمته على المبتدأ، و المفعول إذا قدمته على الفاعل، كقولك (منطلق زيد) و ( ضرب عمرا زيد). معلوم أن (منطلق ) و)عمرا) لم يخرجا بالتقديم عما كانا عليه من كون هذا خبر مبتدأ ومرفوعا بذلك ، وكون ذلك مفعولا و منصوبا من أجله، كما يكون إذا أخرت. وتقديم لا على نية التأخير. ولكن على أن تنقل الشيء عن حكم إلى حكم, وتجعله بابا غير بابه, وإعرابا غير إعرابه ـ ومثال ذلك في ـ قولنا: (ضربت زيدا) و (زيد ضربته). لم تقدم (زيدا) على أن يكون مفعولا منصوبا بالفعل كما كان. ولكن على أن ترفعه بالابتداء، وتشغل الفعل بضميره وتجعله في موضع الخبر له)).
ويذكر الإمام الجرجاني أنه لا يكفي القول في التقديم للاهتمام و العناية، فلا بد من بيان سبب ذلك الاهتمام وتلك العناية، ويشير إلى ضرورة استنباط دستور يخضع له التقديم و التأخير، فيقول: (( واعلم أن من الخطأ أن يقسم الأمر في تقديم الشيء وتأخيره قسمين: فيجعل مفيدا في بعض الكلام، وغير مفيد في بعض. وأن يعلل تارة بالعناية وأخرى بأنه توسعة على الكاتب و الشاعر، حتى تطرد لهذا قوافيه ولذلك سجعه. ذلك لأن من البعيد أن يكون في جملة النظم ما يدل تارة ولا يدل أخرى. فمتى ثبت في تقديم المفعول مثلا على الفعل في كثير من الكلام: أن قد اختص بفائدة لا تكون الفائدة مع التأخير، فقد وجب أن تكون تلك قضية في كل شيء وكل حال )).
ويستنبط الإمام الجرجاني دستورا مفاده أن معنى ترتيب أجزاء الكلام في الاستفهام هو نفس معنى ذلك الترتيب في الخبر المنفي أو المثبت. وهكذا يبين الجرجاني العلاقة بين الاستفهام والنفي والإثبات، ويبين الإمام الجرجاني في هذا الدستور الوظيفة الأساسية للغة كأداة للاتصال حين يؤكد قائلا(ذلك لأنه يؤدي إلى أن تستعمله أمرا لا سبيل فيه إلى الجواب، وأن تستثبته المعنى على وجه ليس عنده عبارة يثبته لك بها على ذلك الوجه)).
ويبين الإمام الجرجاني أهمية الحذف في بعض المواطن من الجملة ،وذلك ((لأن ترك الذكر فيها أفصح من الذكر**، و الصمت عن الإفادة فيها أزيد للإفادة ، و المتكلم عندئذ أنطق ما يكون إذا لم ينطق ، و أتم ما يكون بيانا إذا لم يبن )).
و يقدم العديد من الأمثلة على صحة ما ذهب إليه ، فمن ذلك:
1ـ المواضع التي يحذف فيها الفاعل أو المفعول به ، وقاعدة ذلك (( أن حال الفاعل مع المفعول الذي يتعدى إليه، حاله مع الفاعل ، فكما أنك إذا قلت : (ضرب زيد ) فأسندت الفعل إلى الفاعل ، كان غرضك من ذلك أن تثبت الضرب فعلا له ، لا أن تفيد وجوب الضرب في نفسه و على الإطلاق.
كذلك:
إذا عديت الفعل إلى المفعول فقلت: (ضرب زيد عمرا ) كان غرضك أن تفيد التباس الضرب الواقع من الأول بالثاني ووقوعه عليه )) وإذا أريد الإخبار بوقوع الضرب ووجوده في الجملة من غير أن ينسب إلى فاعل أو مفعول ، فالعبارة فيه أن يقال كان ضرب ) أو ( وقع ضرب )
2ـ المواضع التي يحذف فيها المفعول لاثبات معنى الفعل لا غير، أو لكونه مقصودا وقصده معلوم، إلا أنه يحذف من اللفظ لدليل الحال عليه، ومثال ذلك في (( قولهم: ( أصغيت إليه )، وهم يريدون ـ أذني ـ، و( أغضيت إليه)، والمعنى ـ جفني ـ ))، و الله تعالى أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــ
* دلائل الإعجاز، عبد القاهر الجرجاني، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط5، 2004م، ص 106ـ171.
** يشير الأستاذ الدكتور محمد بركات أبو علي الى الجانب الديني ، وهو الدافع لهذا النوع من الحذف ، وبذلك تتميز فصاحة النظم ، تعففا عن ذكر ما يستقبح ذكره. لمزيد من البيان ـ على صعيد الدراسة الداخلية و الخارجية ــ انظر: معالم المنهج البلاغي عند عبد القاهر الجرجاني ، أ.د محمد بركات أبو علي، دار الفكر ـ عمان ، ط1 ،1984م، ص 45 ـ51.
مؤمنة بالله- مشرفة
-
رسالة sms : في أمان الله
الهويات :
المهن :
الاعلام :
الجنس :
عدد الرسائل : 1462
نقاط التميز : 17063
تاريخ التسجيل : 24/11/2010
رد: ترتيب الكلم وفق نظرية النظم*
مشكورة مؤمنة بالله على المجهود الرائع
وبالتوفيق والى الامام
وبالتوفيق والى الامام
AHMAD- مشرف
- رسالة sms : أن يطعنك أحدهم في ظهرك فهذا أمر طبيعي
ولكن أن تلتفت وتجده أقرب الناس إليك فهذه هي الكارثة
المهن :
الاعلام :
الجنس :
عدد الرسائل : 104
نقاط التميز : 16336
تاريخ التسجيل : 14/02/2010
رد: ترتيب الكلم وفق نظرية النظم*
نونو الباتني كتب:بارك الله فيك مومنة
آآآآآآآآآمين يا رب و لك بالمثل و زيادة
شكراااااااااا على المرور
شكراااااااااا على المرور
مؤمنة بالله- مشرفة
-
رسالة sms : في أمان الله
الهويات :
المهن :
الاعلام :
الجنس :
عدد الرسائل : 1462
نقاط التميز : 17063
تاريخ التسجيل : 24/11/2010
رد: ترتيب الكلم وفق نظرية النظم*
AHMAD كتب:مشكورة مؤمنة بالله على المجهود الرائع
وبالتوفيق والى الامام
لا شكر على واجب ،
حفظك الله و رعاك و جعل الجنة مثواك
شكراااا على المرور و الرد الطيب
حفظك الله و رعاك و جعل الجنة مثواك
شكراااا على المرور و الرد الطيب
مؤمنة بالله- مشرفة
-
رسالة sms : في أمان الله
الهويات :
المهن :
الاعلام :
الجنس :
عدد الرسائل : 1462
نقاط التميز : 17063
تاريخ التسجيل : 24/11/2010
مواضيع مماثلة
» الكَلامُ وما يتأَلَّفُ منْهُ - الكلام و الكلم و الكلمة
» النظم السياسية في العالم المعاصر
» النظم وعلاقته بالمعاني النحوية
» ترتيب الانبياء واعمارهم
» ترتيب اللغات في العالم
» النظم السياسية في العالم المعاصر
» النظم وعلاقته بالمعاني النحوية
» ترتيب الانبياء واعمارهم
» ترتيب اللغات في العالم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس يناير 26, 2023 4:51 pm من طرف guerna noureddine
» حضارات ماقبل التاريخ
الخميس نوفمبر 16, 2017 5:36 pm من طرف بن عامر لخضر
» واد سوف على مر الزمان ثاني اكبر معلم تاريخي فالجزائر
الخميس نوفمبر 16, 2017 5:34 pm من طرف بن عامر لخضر
» من أقطابنا لبرج الغدير : زاوية سيدي احسن بلدية غيلاسة دائرة برج الغدير
الثلاثاء نوفمبر 14, 2017 6:38 pm من طرف بن عامر لخضر
» انتشار الامازيغ
الأحد أكتوبر 22, 2017 6:40 am من طرف بن عامر لخضر
» من اقطابنا لبرج الغدير: رحلة في ذكرى 8ماي1945( بئر ميشوبأولاد سي احمد )
السبت أكتوبر 21, 2017 5:56 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : منارة علم بقرية الدشرة ( مسجد الحاج الشريف )
الأحد أكتوبر 08, 2017 1:09 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : منارة علم بقرية الدشرة ( مسجد الحاج الشريف )
الأحد أكتوبر 08, 2017 12:57 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : معلم أثري يكاد يندثر ( الضريح الروماني ببرج الشميسة )
الإثنين أكتوبر 02, 2017 6:42 am من طرف بن عامر لخضر
» مجموعة أطروحات دكتوراه دولة في الإقتصاد.
الجمعة مارس 31, 2017 9:25 pm من طرف yacine ha
» بعض من مؤلفات الدكتور محمد الصغير غانم
الثلاثاء مارس 21, 2017 8:42 am من طرف cherifa cherifa
» ربح المال مجانا من الانترنت
السبت فبراير 25, 2017 9:15 am من طرف mounir moon
» موسوعة كتب الطبخ
الجمعة فبراير 24, 2017 4:43 pm من طرف mounir moon
» cours 3eme année vétérinaire
الجمعة فبراير 24, 2017 4:38 pm من طرف mounir moon
» اين انتم
الإثنين فبراير 13, 2017 2:47 pm من طرف guerna noureddine