هل تتعرض الأرض وحدها للانحباس الحراري؟

من طرف **chouaib** الثلاثاء مارس 15, 2011 4:30 pm

إذا نظرنا إلى الكواكب من حولنا في نظامنا الشمسي. فإننا نجد أن كوكب
الزهرة Venus، الأقرب منا إلى الشمس، والذي يساوي في حجمه الأرض تقريباً،
تكون درجة حرارته السطحية نحو 460 درجة سلسيوسية فوق الصفر. والسبب في ذلك
قرب كوكب الزهرة من الشمس، وأيضاً نتيجة ارتفاع كثافة الهواء في الغلاف
الجوي الذي يحيط به نسبة إلى الأرض، فضلاً عن احتواء غلافه الجوي على نحو
96 بالمئة من غاز ثاني أكسيد الكربون.
إلى هذا الحد يمكن أن تصل درجة
الحرارة نتيجة تواجد غاز ثاني أكسيد الكربون في أجواء كوكب ما؛ وهذا درس
لنا ينبغي أن نتعلمه في حال كوكبنا الأرض.
أما كوكب الأرض، فإن ما
يحتويه غلافه الجوي هو نحو 78 بالمئة نيتروجين، 21 بالمئة أكسجين، أما
الواحد بالمئة المتبقي فيضم اليوم غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 0,038 %،
والباقي يشتمل على خليط من غازات أخرى.
وبناءً على هذه النسبة الضئيلة
من غاز ثاني أكسيد الكربون، ونتيجة وجود الأرض على مسافة أبعد من الشمس،
فإن معدل درجة حرارة الغلاف الجوي هي 15 – 16 درجة سلسيوسية فقط، وهذا ما
جعل الحياة ممكنة على سطحه على النحو الذي نراها اليوم، وما جعلها تزخر
بالتنوع الحيوي الهائل الذي يضم ملايين الأنواع الحية.
وتتغير درجة
حرارة غلاف كوكب الأرض بضع درجات صعوداً وهبوطاً، وفقاً لتغير مسار الأرض
حول الشمس؛ فكلما ابتعد مدار الأرض بردت الأرض، وكلما اقترب مدارها من
الشمس ارتفعت درجة حرارة سطح الأرض. كذلك تتغير درجة الحرارة وفقاً لنشاطات
الشمس من جهة الانفجارات النووية على سطحها وشدة الإشعاعات الشمسية التي
تصلنا بفعلها. وأيضاً تتغير درجة الحرارة وفقاً لتغير محور دوران الأرض حول
نفسها خلال مسارها حول الشمس.
أما إذا أخذنا كوكب المريخ، الذي هو أصغر
حجماً من الأرض، فإن جاذبيته أقل مقارنة بكوكبنا، لأن كتلته أصغر من كتلة
الأرض؛ وبناءً عليه، فإنه يجذب إليه الغازات الموجودة في الجو بقوة أقل،
الأمر الذي ينجم عنه وجود غلاف جوي أصغر حجماً وأقل كثافة بكثير مقارنة
بالغلاف الجوي الأرضي. فغلاف كوكب المريخ الجوي يحتوي على نحو واحد بالمئة
من غاز ثاني أكسيد الكربون، ولكن درجة حرارة سطح الكوكب هي قرابة خمسين
درجة سلسيوسية تحت الصفر، الأمر الذي يعني أن أغلب ثاني أكسيد الكربون
المتواجد في غلافه الحيوي يكون متجمداً على سطح الكوكب.
خلاصة القول، إن
موقع الأرض المميز من حيث بعده عن الشمس هو الذي سمح ببزوغ الحياة على
سطحه، فضلاً عن أن النسبة الضئيلة من غاز ثاني أكسيد الكربون الموجودة في
غلافه الجوي، بالإضافة إلى بخار الماء وغازات أخرى، قد ساهمت بفاعلية في
رفع معدل درجة حرارة سطح الكوكب إلى 15 درجة سلسيوسية فوق الصفر، وذلك بعد
العصر الجليدي الأخير قبل نحو 12000 سنة خلت. وهذا الحدث الفريد من نوعه في
نظامنا الشمسي، وربما في مجرتنا درب التبانة أيضاً، يستدعي أن ننظر إلى
حال الأرض المتدهورة اليوم بمزيد من مشاعر المسؤولية والواجب بحيث نسعى إلى
تصحيح مسارات الإنسان المعاصر التي ساهمت في وصول التلوث إلى مستوياته
الحالية

هل تتعرض الأرض وحدها للانحباس الحراري؟ 316755