لماذا فلسطين؟
+3
محمد عودة
guerna noureddine
Ace stone
7 مشترك
منتدى طلبة جامعة الحاج لخضر- باتنة - :: منتديات الأخبار... النُصرة و قضايا الأمّة :: منتدى صوت فلسطين
صفحة 1 من اصل 1
لماذا فلسطين؟
لماذا فلسطين؟
قال ناحوم جولدمان - رئيس المؤتمر اليهودى العالمى- فى خطاب ألقاه فى مدينة
مونتريال فى كندا عام 1947 ما نصه: كان ممكنا لليهود أن يحصلوا على أوغندا
أو مدغشقر أو غيرهما، ليقيموا فى أى منها وطنا يهوديا. ولكن اليهود لا
يريدون سوى فلسطين، لا لاعتبارات دينية، أو بسبب إشارة التوارة إلى فلسطين،
ولا لأن مياه البحر الميت تستطيع أن تعطِى عن طريق التبخير، ما قيمته خمسة
آلاف مليون من الدولارات من المعادن والأملاح، ولا لأن تربة فلسطين
الجوفية، تحتوى على كميات من البترول تبلغ عشرين ضعف احتياطى البترول فى
الأمريكتين، بل لأن فلسطين هى ملتقى الطرق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا،
ولأنَّها هى المركز الحقيقى للقوة السياسية العالمية، ولأنها المركز
العسكرى الاستراتيجي للسيطرة على العالم.
تلك هي مقدمة رسالة الماجستير الرائعة للباحثة "هيام عبد الشافي" التي نالت
عليها درجة الماجستير من كلية الآداب بجامعة عين شمس، والتي كانت بعنوان
(مصر وحرب فلسطين 1948). ولقد واكبت مناقشة الرسالة موعد ذكرى نكبة 1948،
النكبة الفلسطينية والعربية التي ندفع ثمنها حتى الآن.
لقد راحت إسرائيل تعرض خدماتها لمن يرغب من دول المعسكر الغربى، لقاء
تأمينها وإغماض العين عن مشروعاتها التوسعية، ولكى يكون لها نصيب كشريك
صغير فى السيطرة على المنطقة.
أما العرب فقد احتاروا فيمن يختارونه صديقًا، وفيمن يتخذونه عدوًا فى هذا
الخضم الهائل من السياسات الدولية المتصارعة حول منطقتهم. وعلى الرغم من
أنَّهم اتفقوا فى عداوتهم للصهيونية ولإسرائيل إلا أنهم اختلفوا فى التعامل
مع بريطانيا وفرنسا وأمريكا وروسيا.
ولقد توصلت الباحثة أن بريطانيا ظلت بوصفها زعيمة العالم الرأسمالى لعبت
حتى أواسط الحرب العالمية الثانية الدور الرئيسى فى تنفيذ المؤامرة
الاستعمارية الصهيونية على فلسطين والوطن العربى كله. وكانت الولايات
المتحدة الأمريكية حتى ذلك التاريخ بعيدة إلى حد كبير عن المشكلة
الفلسطينية لكن الرأسمالية الأمريكية تطورت تطورًا خطيرًا فى فترة ما بين
الحربين وأخذت تنافس الاستعمار البريطانى، وكانت بلاد الشرق الأوسط فى
مقدمة المناطق التى احتلت مكانة بارزة فى مجالات اهتمام الرأسمالية
الأمريكية نظرًا لبروز أهميتها الاقتصادية. وبدأت الرأسمالية الأمريكية -
تحفزها الصهيونية العالمية ذات الأثر الضخم فى مقدرات أمريكا السياسية، وفى
معاركها الانتخابية، واحتكاراتها الاقتصادية- تقحم نفسها فى مشكلة فلسطين
بعد أن ثبت لها أنَّ فى وسعها أن تجعل من قيام دولة يهودية فى فلسطين تعمل
على إقامتها الركيزة التى تعتمد عليها فى بسط سيطرتها ونشر نفوذها؛ فشرعت
تنافس الاستعمار البريطانى على اكتساب ود الصهيونية العالمية وصداقتها،
واستغلت الصهيونية هذا التنافس بين الاستعمارين القديم والجديد إلى أبعد
الحدود، وتمكنت بفضل دهائها السياسى ومكرها من تسخير هذا التنافس لمصلحتها،
ومن حمل الولايات المتحدة على التدخل لحسابها فى فلسطين.
وقد كشفت دراسة "هيام عبد الشافي" أن معركة الصهيونية فى فلسطين لم تقررها
عوامل داخلية من داخل حدود فلسطين، وإنما قررتها المصلحة التى جمعت بين
الدول الكبرى والصهيونية العالمية فى الشرق الأوسط. ودللت على أقوالها في
رسالتها باعتمادها على أحدث الوثائق البريطانية والأمريكية المفرج عنها
حديثاً، والتي أصبحت تكشف العديد من الحقائق وزيف مزاعم الصهيونية.
ولذا فقد جاءت دراستها كمحاولة لتوضيح الأخطاء التى وقع فيها العرب وأدَّت
فى النهاية إلى ضياع فلسطين، ولعل "هيام" أرادت أن تعيد فهم ما حدث فى
الماضى وأن تقف على بُعد مناسب من حل هذه القضية فى المستقبل.
وهدفت "هيام عبد الشافي" ببحثها الرائع فى مجمله إلى محاولة الإجابة على
كثير من التساؤلات منها: هل أنشئت الجامعة العربية للم شمل العرب، أم أقيمت
لتكون أداة لتفريق كلمتهم؟ هل أخطأ الحكام العرب فى قرار الدخول إلى
فلسطين فى حرب نظامية دون الاستعداد لها؟ هل حالت الجيوش العربية دون طرد
العرب من فلسطين؟ هل كانت حرب فلسطين حربًا بين العرب واليهود، أم كانت
حربًا مع دول الاستعمار القديم والجديد؟ هل كان من مصلحة العرب اللجوء إلى
هيئة الأمم المتحدة للتحكيم فى قضية فلسطين؟ هل اقتصر أثر الهزيمة على
فلسطين فقط، أم امتد إلى بقية الدول العربية؟
إن فلسطين بموقعها الجغرافى وخصائصها الذاتية وسكانها وتاريخها بلد عربى
قطنت فيه خلال حقبة من الزمن أقلية يهودية، وحق العرب فى الدفاع عن فلسطين
لا ريب فيه.
ويؤكد التاريخ على أنَّ مقتضيات الأمن المصرى والعربى واحدة دائما، وأن
المنطقة العربية من وجهة نظر الجغرافيا السياسية منطقة واحدة ذات أمن واحد
ومصير واحد إزاء الغزو الخارجى، وأن الخطر على مصر كان يأتى فى الغالب
الأعم من الشام ومن حدود مصر الشمالية الشرقية عبر سيناء، وأن مصير مصر
مرتبط دائمًا بمصير فلسطين خصوصًا وسوريا عمومًا، وأن الدفاع عن مصر
والقناة إنما يبدأ فى فلسطين على الأقل، وواضح تمامًا أنَّه كلما سيطر
مستعمر من المستعمرين على أحد البلدين كان يندفع تلقائيًا إلى السيطرة على
الآخر. وأنَّ قيام قوة معادية لمصر فى فلسطين يهدد شبه جزيرة سيناء، كما
يهدد استقلال مصر برمته، وأنَّه لا استقرار لنظام مصرى ما لم يقم له حليف
فى فلسطين.
لذلك دخلت فلسطين فى نسيج الحياة السياسية المصرية، وأصبحت جزءًا لصيقًا من مكونات السياسة المصرية.
ولقد اهتمت "هيام عبد الشافي" بالموضوع منذ فترة، وعلى حد تعبيرها "إن حرب
فلسطين 1948 لم تكن حربًا كباقى الحروب؛ فلم تكن صراعًا حرًا تستخدم فيه
القوة، بل كانت مؤامرة كبرى على الدول العربية حيكت خيوطها بحبكة متقنة من
قبل الصهيونية العالمية مع أقطاب الاستعمار القديم المتمثل فى بريطانيا
صاحبة الانتداب على فلسطين والسيطرة على معظم دول المنطقة، والاستعمار
الجديد الوافد على المنطقة بكل تطلعاته وأهدافه".
وفي نهاية بحثها خلصت إلى عدة نتائج، كان أهمها: أن خروج إسرائيل إلى
الوجود لم يكن نتيجة معركة أو حرب، ولم تحقق الصهيونية أحلامها فى فلسطين
بجهود بضعة أشخاص من زعمائها، كما أنها لم تظهر على مسرح الأمم المتحدة
وتصبح دولة مستقلة لها مقعد خاص بينها نتيجة تحقيق عاجل قامت به لجنة
التحقيق الدولية فى مايو 1947 وقررت فيه تقسيم فلسطين وإقامة دولتين؛ دولة
للعرب، ودولة لليهود. إن معركة الصهيونية فى فلسطين لم تقررها عوامل داخلية
فى فلسطين، وإنما قررتها المصلحة التى جمعت بين الدول الكبرى والصهيونية
العالمية فى الشرق الأوسط.
كذلك فإن بريطانيا ودول الاحتلال أرادوا تجزئة الوطن العربي لحماية
مصالحهم، وتوطيد أقدامهم بأن تكون إسرائيل أداة هذه التجزئة، والركيزة التى
يعتمد عليها فى فرضها.
وأراد الاحتلال منها أن تكون عامل إشغال وتوتر فى المنطقة العربية كلها،
لصرف جهود الدول العربية عن أعمال التنمية والنهوض بشعوبها، وحصرها فى
التحسب والإعداد للدفاع عن نفسها ضد هذا الخطر، كما قصدوا منها أيضًا، منع
الشعب العربى فى أرجاء وطنه الكبير من خوض معارك التحرر لإبعاد آخر أثر من
آثار الاحتلال فى المنطقة.
ولقد لعبت الولايات المتحدة دورًا كبيرًا فى تحقيق المطالب الزائفة لليهود
فى فلسطين وعلى الرغم من تحذير الخارجية الأمريكية من أن هذه السياسة سوف
تضر بمصالحها فى الشرق، إلا أنها لم تضع ضمن اهتماماتها رد فعل العالم
العربى؛ لأنها كانت متيقنة من أنَّ الحكومات العربية عاجزة عن تهديد
المصالح الأمريكية تهديدًا فعليًّا وعمليًّا؛ لذا لم تُلقِ بالاً بغضب
العرب من القرارات التى تتخذها فى فلسطين والتى ضد مصالحهم. لأن وزن العرب
كان على ضخامته النظرية ضئيلاً فى نظر الدول الكبرى.
وعندما تحول زمام القضية الفلسطينية إلى أيدى الجامعة العربية، التى
استطاعت بريطانيا من خلالها انتزاع قضية فلسطين من أيدى أهلها، ونقلها إلى
أيدٍ أخرى يسهل التفاهم والتعاون معها على تحقيق السياسة البريطانية فى
فلسطين، وعندما أضحت الجامعة العربية الناطقة باسمها والموجهة لحركة الكفاح
فيها على الصعيدين السياسى والعسكرى. ضاعت فلسطين بسبب الأخطاء التى
ارتكبت فى معالجة القضية، وبسبب تحكم الاستعمار عن طريق معاهداته وأعوانه
فى أمر الجامعة.
وأعلنت "هيام عبد الشافي" فشل الجامعة العربية فى لم شمل دول الشرق العربى
لما بين رؤساء العرب وملوكهم وحكامهم من تنافر وفُرقة لأن عوامل التفرقة
التى بذرها الاستعمار فى البلاد العربية كانت أقوى بكثير من صيحات التوحيد
لذلك بدلاً من أن تقوى الروابط وتتوحد الغايات ضعفت الروابط وفقدت معها
الثقة فى إمكانية هذا الكيان من تحقيق مطالب العرب.
وكان قرار جامعة الدول العربية بمفاوضة الإنجليز ثم نقل القضية للأمم
المتحدة فى حال الفشل جاء موافقًا لخطة بريطانيا ومحققًا لرغبة الإنجليز
والولايات المتحدة الأمريكية، وقد أثبتت الوقائع أن بريطانيا هى التى تآمرت
مع حليفاتها على قيام إسرائيل، وعلى استخلاص قرار التقسيم وفرض تنفيذه،
ومن الطبيعى والحالة هذه أن تكون بريطانيا هى التى وجهت حرب فلسطين فى عام
1948 الوجهة التى تريدها وهى تنفيذ التقسيم وقيام إسرائيل.
وبالطبع فإن افتقار العرب إلى وحدة العمل فى المجال الوطنى والدولى على
السواء، وذلك بغض النظر عن الشعارات البرَّاقة التى أعلنوها عن وحدة الصف
تارة، ووحدة الهدف تارة أخرى، اللهم إلا وحدة عدائهم لإسرائيل وإنْ اختلفت
درجتها من دولة لأخرى، هو ما يزيد الأمر سوءا كل يوم، ويدفع الشعب
الفلسطيني ثمن هذا الاختلاف كل ساعة من أرواحهم الكثير.
إن القيادات العربية قبل حرب 1948 كانت تجهل مستوى القضية أو مستوى المعركة
التى كانت تنتظرها، فلا استعداد ولا تأهب، ولا تقدير صحيح لقوة الخصم
وطاقاته، فقد استهانت الدول العربية ونظرت إلى اليهود على أنهم مجرد عصابات
من السهل هزيمتهم لذا لم يكلفوا أنفسهم عناء جمع المعلومات عن هذا الخصم.
إلا أن أهم النتائج التي توصلت إليها "هيام عبد الشافي" أن عرب فلسطين،
والعرب عموما، فشلوا فى معظم المعارك التى خاضوها لإنقاذ عروبة فلسطين،
لأنهم كانوا غالبًا ما يثقون (بسياسة المطالبات): مطالبة بوقف الهجرة
اليهودية، ومطالبة بمنع انتقال الأراضى لليهود، ومطالبة بإلغاء الوطن
القومى اليهودى، ومطالبه بإبطال الانتداب، ومطالبه بالاستقلال. وظل العرب
يطالبون منذ إصدار تصريح بلفور حتى منتصف الأربعينيات، وما بعدها، وحتى
الآن، ولا أحدَ يُصغى إليهم، أو يُكلف نفسه عناء دراسة مطالبهم ووجهات
نظرهم. وكأنما غاب عن العرب أنَّ مثل هذه الأمور الحيوية لا تُطلب وإنما
تؤخذ وأنهم لم يدركوا بعض ما طالبوا به إلا عندما كفوا عن المطالبة وبدءوا
النضال السياسى الشعبى والثورى لانتزاع حقوقهم بأنفسهم.
ضاعت فلسطين وأعطى الحق لمن لا حق له، وضاع الحق من صاحبه، وإن كان هذا
الحق قد ضاع على أرض فلسطين، فإنه لن يعود إلا على ذات الأرض، وإن كان
الضمير العالمى فى غفلة عن الوصول إلى فهم حقائق التاريخ الثابتة، فإنه دور
آخر يقع على عاتق الأمة العربية فى تحريك هذا الوجدان العالمى، من خلال
الرأى العام العالمى، لمعرفة الحقيقة التى ضاعت بين دهاليز منظماته
الدولية.
قال ناحوم جولدمان - رئيس المؤتمر اليهودى العالمى- فى خطاب ألقاه فى مدينة
مونتريال فى كندا عام 1947 ما نصه: كان ممكنا لليهود أن يحصلوا على أوغندا
أو مدغشقر أو غيرهما، ليقيموا فى أى منها وطنا يهوديا. ولكن اليهود لا
يريدون سوى فلسطين، لا لاعتبارات دينية، أو بسبب إشارة التوارة إلى فلسطين،
ولا لأن مياه البحر الميت تستطيع أن تعطِى عن طريق التبخير، ما قيمته خمسة
آلاف مليون من الدولارات من المعادن والأملاح، ولا لأن تربة فلسطين
الجوفية، تحتوى على كميات من البترول تبلغ عشرين ضعف احتياطى البترول فى
الأمريكتين، بل لأن فلسطين هى ملتقى الطرق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا،
ولأنَّها هى المركز الحقيقى للقوة السياسية العالمية، ولأنها المركز
العسكرى الاستراتيجي للسيطرة على العالم.
تلك هي مقدمة رسالة الماجستير الرائعة للباحثة "هيام عبد الشافي" التي نالت
عليها درجة الماجستير من كلية الآداب بجامعة عين شمس، والتي كانت بعنوان
(مصر وحرب فلسطين 1948). ولقد واكبت مناقشة الرسالة موعد ذكرى نكبة 1948،
النكبة الفلسطينية والعربية التي ندفع ثمنها حتى الآن.
لقد راحت إسرائيل تعرض خدماتها لمن يرغب من دول المعسكر الغربى، لقاء
تأمينها وإغماض العين عن مشروعاتها التوسعية، ولكى يكون لها نصيب كشريك
صغير فى السيطرة على المنطقة.
أما العرب فقد احتاروا فيمن يختارونه صديقًا، وفيمن يتخذونه عدوًا فى هذا
الخضم الهائل من السياسات الدولية المتصارعة حول منطقتهم. وعلى الرغم من
أنَّهم اتفقوا فى عداوتهم للصهيونية ولإسرائيل إلا أنهم اختلفوا فى التعامل
مع بريطانيا وفرنسا وأمريكا وروسيا.
ولقد توصلت الباحثة أن بريطانيا ظلت بوصفها زعيمة العالم الرأسمالى لعبت
حتى أواسط الحرب العالمية الثانية الدور الرئيسى فى تنفيذ المؤامرة
الاستعمارية الصهيونية على فلسطين والوطن العربى كله. وكانت الولايات
المتحدة الأمريكية حتى ذلك التاريخ بعيدة إلى حد كبير عن المشكلة
الفلسطينية لكن الرأسمالية الأمريكية تطورت تطورًا خطيرًا فى فترة ما بين
الحربين وأخذت تنافس الاستعمار البريطانى، وكانت بلاد الشرق الأوسط فى
مقدمة المناطق التى احتلت مكانة بارزة فى مجالات اهتمام الرأسمالية
الأمريكية نظرًا لبروز أهميتها الاقتصادية. وبدأت الرأسمالية الأمريكية -
تحفزها الصهيونية العالمية ذات الأثر الضخم فى مقدرات أمريكا السياسية، وفى
معاركها الانتخابية، واحتكاراتها الاقتصادية- تقحم نفسها فى مشكلة فلسطين
بعد أن ثبت لها أنَّ فى وسعها أن تجعل من قيام دولة يهودية فى فلسطين تعمل
على إقامتها الركيزة التى تعتمد عليها فى بسط سيطرتها ونشر نفوذها؛ فشرعت
تنافس الاستعمار البريطانى على اكتساب ود الصهيونية العالمية وصداقتها،
واستغلت الصهيونية هذا التنافس بين الاستعمارين القديم والجديد إلى أبعد
الحدود، وتمكنت بفضل دهائها السياسى ومكرها من تسخير هذا التنافس لمصلحتها،
ومن حمل الولايات المتحدة على التدخل لحسابها فى فلسطين.
وقد كشفت دراسة "هيام عبد الشافي" أن معركة الصهيونية فى فلسطين لم تقررها
عوامل داخلية من داخل حدود فلسطين، وإنما قررتها المصلحة التى جمعت بين
الدول الكبرى والصهيونية العالمية فى الشرق الأوسط. ودللت على أقوالها في
رسالتها باعتمادها على أحدث الوثائق البريطانية والأمريكية المفرج عنها
حديثاً، والتي أصبحت تكشف العديد من الحقائق وزيف مزاعم الصهيونية.
ولذا فقد جاءت دراستها كمحاولة لتوضيح الأخطاء التى وقع فيها العرب وأدَّت
فى النهاية إلى ضياع فلسطين، ولعل "هيام" أرادت أن تعيد فهم ما حدث فى
الماضى وأن تقف على بُعد مناسب من حل هذه القضية فى المستقبل.
وهدفت "هيام عبد الشافي" ببحثها الرائع فى مجمله إلى محاولة الإجابة على
كثير من التساؤلات منها: هل أنشئت الجامعة العربية للم شمل العرب، أم أقيمت
لتكون أداة لتفريق كلمتهم؟ هل أخطأ الحكام العرب فى قرار الدخول إلى
فلسطين فى حرب نظامية دون الاستعداد لها؟ هل حالت الجيوش العربية دون طرد
العرب من فلسطين؟ هل كانت حرب فلسطين حربًا بين العرب واليهود، أم كانت
حربًا مع دول الاستعمار القديم والجديد؟ هل كان من مصلحة العرب اللجوء إلى
هيئة الأمم المتحدة للتحكيم فى قضية فلسطين؟ هل اقتصر أثر الهزيمة على
فلسطين فقط، أم امتد إلى بقية الدول العربية؟
إن فلسطين بموقعها الجغرافى وخصائصها الذاتية وسكانها وتاريخها بلد عربى
قطنت فيه خلال حقبة من الزمن أقلية يهودية، وحق العرب فى الدفاع عن فلسطين
لا ريب فيه.
ويؤكد التاريخ على أنَّ مقتضيات الأمن المصرى والعربى واحدة دائما، وأن
المنطقة العربية من وجهة نظر الجغرافيا السياسية منطقة واحدة ذات أمن واحد
ومصير واحد إزاء الغزو الخارجى، وأن الخطر على مصر كان يأتى فى الغالب
الأعم من الشام ومن حدود مصر الشمالية الشرقية عبر سيناء، وأن مصير مصر
مرتبط دائمًا بمصير فلسطين خصوصًا وسوريا عمومًا، وأن الدفاع عن مصر
والقناة إنما يبدأ فى فلسطين على الأقل، وواضح تمامًا أنَّه كلما سيطر
مستعمر من المستعمرين على أحد البلدين كان يندفع تلقائيًا إلى السيطرة على
الآخر. وأنَّ قيام قوة معادية لمصر فى فلسطين يهدد شبه جزيرة سيناء، كما
يهدد استقلال مصر برمته، وأنَّه لا استقرار لنظام مصرى ما لم يقم له حليف
فى فلسطين.
لذلك دخلت فلسطين فى نسيج الحياة السياسية المصرية، وأصبحت جزءًا لصيقًا من مكونات السياسة المصرية.
ولقد اهتمت "هيام عبد الشافي" بالموضوع منذ فترة، وعلى حد تعبيرها "إن حرب
فلسطين 1948 لم تكن حربًا كباقى الحروب؛ فلم تكن صراعًا حرًا تستخدم فيه
القوة، بل كانت مؤامرة كبرى على الدول العربية حيكت خيوطها بحبكة متقنة من
قبل الصهيونية العالمية مع أقطاب الاستعمار القديم المتمثل فى بريطانيا
صاحبة الانتداب على فلسطين والسيطرة على معظم دول المنطقة، والاستعمار
الجديد الوافد على المنطقة بكل تطلعاته وأهدافه".
وفي نهاية بحثها خلصت إلى عدة نتائج، كان أهمها: أن خروج إسرائيل إلى
الوجود لم يكن نتيجة معركة أو حرب، ولم تحقق الصهيونية أحلامها فى فلسطين
بجهود بضعة أشخاص من زعمائها، كما أنها لم تظهر على مسرح الأمم المتحدة
وتصبح دولة مستقلة لها مقعد خاص بينها نتيجة تحقيق عاجل قامت به لجنة
التحقيق الدولية فى مايو 1947 وقررت فيه تقسيم فلسطين وإقامة دولتين؛ دولة
للعرب، ودولة لليهود. إن معركة الصهيونية فى فلسطين لم تقررها عوامل داخلية
فى فلسطين، وإنما قررتها المصلحة التى جمعت بين الدول الكبرى والصهيونية
العالمية فى الشرق الأوسط.
كذلك فإن بريطانيا ودول الاحتلال أرادوا تجزئة الوطن العربي لحماية
مصالحهم، وتوطيد أقدامهم بأن تكون إسرائيل أداة هذه التجزئة، والركيزة التى
يعتمد عليها فى فرضها.
وأراد الاحتلال منها أن تكون عامل إشغال وتوتر فى المنطقة العربية كلها،
لصرف جهود الدول العربية عن أعمال التنمية والنهوض بشعوبها، وحصرها فى
التحسب والإعداد للدفاع عن نفسها ضد هذا الخطر، كما قصدوا منها أيضًا، منع
الشعب العربى فى أرجاء وطنه الكبير من خوض معارك التحرر لإبعاد آخر أثر من
آثار الاحتلال فى المنطقة.
ولقد لعبت الولايات المتحدة دورًا كبيرًا فى تحقيق المطالب الزائفة لليهود
فى فلسطين وعلى الرغم من تحذير الخارجية الأمريكية من أن هذه السياسة سوف
تضر بمصالحها فى الشرق، إلا أنها لم تضع ضمن اهتماماتها رد فعل العالم
العربى؛ لأنها كانت متيقنة من أنَّ الحكومات العربية عاجزة عن تهديد
المصالح الأمريكية تهديدًا فعليًّا وعمليًّا؛ لذا لم تُلقِ بالاً بغضب
العرب من القرارات التى تتخذها فى فلسطين والتى ضد مصالحهم. لأن وزن العرب
كان على ضخامته النظرية ضئيلاً فى نظر الدول الكبرى.
وعندما تحول زمام القضية الفلسطينية إلى أيدى الجامعة العربية، التى
استطاعت بريطانيا من خلالها انتزاع قضية فلسطين من أيدى أهلها، ونقلها إلى
أيدٍ أخرى يسهل التفاهم والتعاون معها على تحقيق السياسة البريطانية فى
فلسطين، وعندما أضحت الجامعة العربية الناطقة باسمها والموجهة لحركة الكفاح
فيها على الصعيدين السياسى والعسكرى. ضاعت فلسطين بسبب الأخطاء التى
ارتكبت فى معالجة القضية، وبسبب تحكم الاستعمار عن طريق معاهداته وأعوانه
فى أمر الجامعة.
وأعلنت "هيام عبد الشافي" فشل الجامعة العربية فى لم شمل دول الشرق العربى
لما بين رؤساء العرب وملوكهم وحكامهم من تنافر وفُرقة لأن عوامل التفرقة
التى بذرها الاستعمار فى البلاد العربية كانت أقوى بكثير من صيحات التوحيد
لذلك بدلاً من أن تقوى الروابط وتتوحد الغايات ضعفت الروابط وفقدت معها
الثقة فى إمكانية هذا الكيان من تحقيق مطالب العرب.
وكان قرار جامعة الدول العربية بمفاوضة الإنجليز ثم نقل القضية للأمم
المتحدة فى حال الفشل جاء موافقًا لخطة بريطانيا ومحققًا لرغبة الإنجليز
والولايات المتحدة الأمريكية، وقد أثبتت الوقائع أن بريطانيا هى التى تآمرت
مع حليفاتها على قيام إسرائيل، وعلى استخلاص قرار التقسيم وفرض تنفيذه،
ومن الطبيعى والحالة هذه أن تكون بريطانيا هى التى وجهت حرب فلسطين فى عام
1948 الوجهة التى تريدها وهى تنفيذ التقسيم وقيام إسرائيل.
وبالطبع فإن افتقار العرب إلى وحدة العمل فى المجال الوطنى والدولى على
السواء، وذلك بغض النظر عن الشعارات البرَّاقة التى أعلنوها عن وحدة الصف
تارة، ووحدة الهدف تارة أخرى، اللهم إلا وحدة عدائهم لإسرائيل وإنْ اختلفت
درجتها من دولة لأخرى، هو ما يزيد الأمر سوءا كل يوم، ويدفع الشعب
الفلسطيني ثمن هذا الاختلاف كل ساعة من أرواحهم الكثير.
إن القيادات العربية قبل حرب 1948 كانت تجهل مستوى القضية أو مستوى المعركة
التى كانت تنتظرها، فلا استعداد ولا تأهب، ولا تقدير صحيح لقوة الخصم
وطاقاته، فقد استهانت الدول العربية ونظرت إلى اليهود على أنهم مجرد عصابات
من السهل هزيمتهم لذا لم يكلفوا أنفسهم عناء جمع المعلومات عن هذا الخصم.
إلا أن أهم النتائج التي توصلت إليها "هيام عبد الشافي" أن عرب فلسطين،
والعرب عموما، فشلوا فى معظم المعارك التى خاضوها لإنقاذ عروبة فلسطين،
لأنهم كانوا غالبًا ما يثقون (بسياسة المطالبات): مطالبة بوقف الهجرة
اليهودية، ومطالبة بمنع انتقال الأراضى لليهود، ومطالبة بإلغاء الوطن
القومى اليهودى، ومطالبه بإبطال الانتداب، ومطالبه بالاستقلال. وظل العرب
يطالبون منذ إصدار تصريح بلفور حتى منتصف الأربعينيات، وما بعدها، وحتى
الآن، ولا أحدَ يُصغى إليهم، أو يُكلف نفسه عناء دراسة مطالبهم ووجهات
نظرهم. وكأنما غاب عن العرب أنَّ مثل هذه الأمور الحيوية لا تُطلب وإنما
تؤخذ وأنهم لم يدركوا بعض ما طالبوا به إلا عندما كفوا عن المطالبة وبدءوا
النضال السياسى الشعبى والثورى لانتزاع حقوقهم بأنفسهم.
ضاعت فلسطين وأعطى الحق لمن لا حق له، وضاع الحق من صاحبه، وإن كان هذا
الحق قد ضاع على أرض فلسطين، فإنه لن يعود إلا على ذات الأرض، وإن كان
الضمير العالمى فى غفلة عن الوصول إلى فهم حقائق التاريخ الثابتة، فإنه دور
آخر يقع على عاتق الأمة العربية فى تحريك هذا الوجدان العالمى، من خلال
الرأى العام العالمى، لمعرفة الحقيقة التى ضاعت بين دهاليز منظماته
الدولية.
Ace stone- مشرف
-
رسالة sms : علمتني الحياه ليس الحب ان تكون بقرب من تحب ولكن
الحب ان تثق ان انك في قلب من تحب
********************************
قمه الحزن: ان تبتسم وفي عينيك الف دمعه
*******************************
الدنيا محطات للدموع اجمل مافيها
اللقاء واصعب مافيها الفراق
لكن الذكرى هي الرباط…..
الهويات :
المهن :
الاعلام :
الجنس :
عدد الرسائل : 907
نقاط التميز : 17510
تاريخ التسجيل : 19/09/2010
رد: لماذا فلسطين؟
عفوا اخي
Ace stone- مشرف
-
رسالة sms : علمتني الحياه ليس الحب ان تكون بقرب من تحب ولكن
الحب ان تثق ان انك في قلب من تحب
********************************
قمه الحزن: ان تبتسم وفي عينيك الف دمعه
*******************************
الدنيا محطات للدموع اجمل مافيها
اللقاء واصعب مافيها الفراق
لكن الذكرى هي الرباط…..
الهويات :
المهن :
الاعلام :
الجنس :
عدد الرسائل : 907
نقاط التميز : 17510
تاريخ التسجيل : 19/09/2010
رد: لماذا فلسطين؟
مشكور اخي جدا بارك الله فيك
محمد عودة- م.ع
-
رسالة sms : كـــم هــو جميل عندما تكتب كلمات ... يراهـــا البعـــض جميلــــه ... و يراهــــا البعــــض معبـــّره .. و يراهــــا آخرون بلا معنــــى !!!! لكــــنك أنت الوحيــــد الذي تعلــــم عندمـــــا تكتبهــا ماذا يوجــد وراء كواليـــــسها ...
..............................................
كـــل إنســان يمــكنــه "نـقــش" اسمــه فـــي المـكــان الــذي يــريــده ..
إلا القلــوب
فــإنـها لا تقبــل النـقش فيـها إلا لمـن "نـبـضـت" لهـم حبــاً و احتــرامـــاً
الهويات :
المهن :
الاعلام :
الجنس :
عدد الرسائل : 831
نقاط التميز : 17684
تاريخ التسجيل : 22/04/2010
رد: لماذا فلسطين؟
السلام عليكم:
الله يحمي فلسطين
آآآآآآآآآآآآآمين
الله يحمي فلسطين
آآآآآآآآآآآآآمين
iroka- مشرفة
-
رسالة sms : ربي تركت ما أحب من اجل ماتحب
فاجعل ما تحب هو كل ما أحب
و اكتب لي فعل ما تحب. فحبك غاية ما احب
الهويات :
المهن :
الاعلام :
الجنس :
عدد الرسائل : 318
نقاط التميز : 17057
تاريخ التسجيل : 25/11/2009
رد: لماذا فلسطين؟
مشكور اخي جدا وبارك الله فيك
BELQASSIM13- عضو ذهبي
-
رسالة sms : اجعلها دستورا لك إن المقاتل لا يغير عقيدته وإنما يغير موقعه،فلا يعنيك متى تصل وإنما يعنيك شرف الهدف الذي تسعى إليه.
قد يحرمك الله من شيء وتتألم: {وحرمنا عليه المراضع من قبل} لأنه خبّأ لك الأفضل فلا يريدك أن تنشغل بغيره {فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن} .
اتخذ طاعة الله تجارة تأتيك الارباح من غير بضاعة ..
لا تحزن على أمر فات، فلربما فواته سبب لحصولك على ما هو خير منه (وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا
الهويات :
المهن :
الاعلام :
الجنس :
عدد الرسائل : 590
نقاط التميز : 15619
تاريخ التسجيل : 17/12/2011
منتدى طلبة جامعة الحاج لخضر- باتنة - :: منتديات الأخبار... النُصرة و قضايا الأمّة :: منتدى صوت فلسطين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس يناير 26, 2023 4:51 pm من طرف guerna noureddine
» حضارات ماقبل التاريخ
الخميس نوفمبر 16, 2017 5:36 pm من طرف بن عامر لخضر
» واد سوف على مر الزمان ثاني اكبر معلم تاريخي فالجزائر
الخميس نوفمبر 16, 2017 5:34 pm من طرف بن عامر لخضر
» من أقطابنا لبرج الغدير : زاوية سيدي احسن بلدية غيلاسة دائرة برج الغدير
الثلاثاء نوفمبر 14, 2017 6:38 pm من طرف بن عامر لخضر
» انتشار الامازيغ
الأحد أكتوبر 22, 2017 6:40 am من طرف بن عامر لخضر
» من اقطابنا لبرج الغدير: رحلة في ذكرى 8ماي1945( بئر ميشوبأولاد سي احمد )
السبت أكتوبر 21, 2017 5:56 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : منارة علم بقرية الدشرة ( مسجد الحاج الشريف )
الأحد أكتوبر 08, 2017 1:09 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : منارة علم بقرية الدشرة ( مسجد الحاج الشريف )
الأحد أكتوبر 08, 2017 12:57 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : معلم أثري يكاد يندثر ( الضريح الروماني ببرج الشميسة )
الإثنين أكتوبر 02, 2017 6:42 am من طرف بن عامر لخضر
» مجموعة أطروحات دكتوراه دولة في الإقتصاد.
الجمعة مارس 31, 2017 9:25 pm من طرف yacine ha
» بعض من مؤلفات الدكتور محمد الصغير غانم
الثلاثاء مارس 21, 2017 8:42 am من طرف cherifa cherifa
» ربح المال مجانا من الانترنت
السبت فبراير 25, 2017 9:15 am من طرف mounir moon
» موسوعة كتب الطبخ
الجمعة فبراير 24, 2017 4:43 pm من طرف mounir moon
» cours 3eme année vétérinaire
الجمعة فبراير 24, 2017 4:38 pm من طرف mounir moon
» اين انتم
الإثنين فبراير 13, 2017 2:47 pm من طرف guerna noureddine