الأصولية Fundamentalism
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الأصولية Fundamentalism
يعد مفهوم الأصولية من المفاهيم حديثة المنشأ نسبيا في المجال الثقافي الغربي، حيث لم يرد ذكره في اللغة والمعاجم إلا حديثا. وفي هذا الإطار يشير روجيه جارودي إلى أن كلمة أصولية لم يعرض لها معجم "روبير الكبير" سنة 1966، كما لم تتعرض لها الموسوعة العالمية سنة 1968. أما قاموس "لاروس الصغير" فقد أعطاها تعريفا بالغ العمومية مفاده أنها موقف أولئك الذين يرفضون تكييف العقيدة مع الظروف الجديدة، في حين ربطها "لاروس الجيب" سنة 1979 بالكاثوليكية وحدها على اعتبار أنها "استعداد لدى الكاثوليكيين الذين يكرهون التكيف مع ظروف الحياة الحديثة". ومن بعد توالى اهتمام المعاجم الغربية بالمفهوم مؤكدة أن الأصولي هو ذلك الشخص الرافض للتكيف مع مستجدات العصر ويستخدم العنف في مقاومتها.
وفي هذا الإطار تبنت الأكاديمية الأمريكية للآداب والعلوم دراسة مختلف الأصوليات تحت عنوان "المشروع الأصولي" منذ عام 1988، وانتهت إلى أن الأصولية ترى ضرورة تشكيل العالم لاستخدام العنف والإرهاب، وتؤمن بضرورة السيطرة على وسائل التعليم والإعلام، إلى جانب رفضها التمييز بين الحياة العامة والحياة الخاصة، مع التأكيد على ضرورة التطبيق الحرفي للقانون الإلهي.
يذكر أن أول نموذج غربي جسد المعنى السابق للأصولية كان "النموذج الكنسي" حيث قمعت الكنيسة الحريات، وصادرت الأفكار والمعتقدات، ومارست الاستبداد السياسي، وشكلت محاكم التفتيش لتأديب المخالفين والرافضين والمحتجين.
هذا عن الأصولية في السياق الحضاري الغربي، أما عن الأصولية في السياق الحضاري العربي الإسلامي، فالملاحظ أن دارسي الظاهرة يختلفون شديد الاختلاف في تحديد نشأتها أكثر مما يختلفون حول تحديد دلالتها ومفهومها، إذ غالبا ما يتم إسقاط الخبرات الثقافية التي تحددت في ظل سياق غربي معين على هذا المفهوم.
وفي هذا الإطار يجرى تحديد الأصولية باعتبارها الرؤية التي تتخذ من الأصل، سواء كان نصا دينيا أو مذهبا سياسيا أو جذرا عرقيا، مرجعا أساسيا وسندا نهائيا لمفاهيمها وسلوكها. وفي جميع الأحوال فإن الوقوف على الدلالة المعاصرة لمفهوم الأصولية يفضي بنا إلى نتائج ثلاث أساسية:
أ- أن الدلالات التي يستنبطها هذا المصطلح في التداول اللغوي والثقافي الغربي، غريبة تماما عن الحمولات الدلالية التي يختزنها في المجال التداولي الثقافي واللغوي العربي الإسلامي، ذلك أن مفهوم "أصولية" ليس غريبا عن حقل اللغة والثقافة للإشارة إلى ما هو أصيل فيها ووليد شرعي لها. والمستقرئ للمعاجم العربية ولاستعمال القران الكريم والحديث لهذا المفهوم وأصله ومشتقاته لا يكاد يعثر على الدلالات التي يحملها المفهوم في الفكر الغربي أو في الترجمة العربية له.
ب- إن مادة (أ - ص - ل) وما يرتبط بها من مشتقات كأصول وأصيل تشير كلها بصورة أو بأخرى إلى أول الشيء وبدايته. أما في مجال العلوم الإسلامية فيعد علم الأصول بمثابة العلم التأسيسي، أي العلم الذي يمكن من عملية الفهم، فعلم الأصول بالنسبة للفقه بمثابة المنطق بالنسبة لسائر العلوم الفلسفية، ومثل النحو بالنسبة لعلوم اللغة العربية. وبهذا المعنى فإن الأصولي هو العالم المشتغل بوضع المناهج والضوابط واستخراج القواعد الكلية عن طريق استقراء الأدلة المختلفة حيث يقدم خلاصة جهده للفقيه كى يوظفها في استنباط الأحكام الشرعية العملية من واقع أدلتها التفصيلية.
ج- إن القول بان "الأصولية" كمنهج فكرى يقوم على الانغلاق والإقصاء والعنف يجد أصوله في التجربة الحضارية الغربية لا يعنى أن التجربة التاريخية العربية الإسلامية في الماضي والحاضر قد سلمت من بعض أشكال "الأصولية" السلبية، من منطلق أن الحركات الأصولية تعد في المقام الأول حركات اجتماعية تقدم استجابات مختلفة للواقع المعاش، ومن تلك الاستجابات الميل إلى إلغاء الآخر على مستوى الخطاب أو إلى الانزلاق للعنف على مستوى الممارسة.
وتبعا لهذا التفسير السوسيولوجى فإن النزوع الأصولي لا يقتصر على الحركات الدينية وإنما يتعداها إلى كل حركة اجتماعية بما فيها الحركات العلمانية التي تتخذ أحيانا مواقف تتراوح بين إقصاء الغير والجمود النصي، وبين الانفتاح على الآخر والاستعداد للحوار معه.
د- إن التعامل مع ظاهرة الأصولية "الإسلامية" يجب أن يتم في إطار الوعي بأمرين، الأول محاولة توريث الإسلام عداء الغرب للشيوعية الذي خفت بانهيار الاتحاد السوفيتي. والآخر تجاهل أن المد الأصولي يشمل الديانات الثلاث من خلال ظاهرة صعود اليمين الجديد إلى السلطة أو ممارسته في القليل واحداً من أشكال التأثير عليها.
وفي هذا الإطار تبنت الأكاديمية الأمريكية للآداب والعلوم دراسة مختلف الأصوليات تحت عنوان "المشروع الأصولي" منذ عام 1988، وانتهت إلى أن الأصولية ترى ضرورة تشكيل العالم لاستخدام العنف والإرهاب، وتؤمن بضرورة السيطرة على وسائل التعليم والإعلام، إلى جانب رفضها التمييز بين الحياة العامة والحياة الخاصة، مع التأكيد على ضرورة التطبيق الحرفي للقانون الإلهي.
يذكر أن أول نموذج غربي جسد المعنى السابق للأصولية كان "النموذج الكنسي" حيث قمعت الكنيسة الحريات، وصادرت الأفكار والمعتقدات، ومارست الاستبداد السياسي، وشكلت محاكم التفتيش لتأديب المخالفين والرافضين والمحتجين.
هذا عن الأصولية في السياق الحضاري الغربي، أما عن الأصولية في السياق الحضاري العربي الإسلامي، فالملاحظ أن دارسي الظاهرة يختلفون شديد الاختلاف في تحديد نشأتها أكثر مما يختلفون حول تحديد دلالتها ومفهومها، إذ غالبا ما يتم إسقاط الخبرات الثقافية التي تحددت في ظل سياق غربي معين على هذا المفهوم.
وفي هذا الإطار يجرى تحديد الأصولية باعتبارها الرؤية التي تتخذ من الأصل، سواء كان نصا دينيا أو مذهبا سياسيا أو جذرا عرقيا، مرجعا أساسيا وسندا نهائيا لمفاهيمها وسلوكها. وفي جميع الأحوال فإن الوقوف على الدلالة المعاصرة لمفهوم الأصولية يفضي بنا إلى نتائج ثلاث أساسية:
أ- أن الدلالات التي يستنبطها هذا المصطلح في التداول اللغوي والثقافي الغربي، غريبة تماما عن الحمولات الدلالية التي يختزنها في المجال التداولي الثقافي واللغوي العربي الإسلامي، ذلك أن مفهوم "أصولية" ليس غريبا عن حقل اللغة والثقافة للإشارة إلى ما هو أصيل فيها ووليد شرعي لها. والمستقرئ للمعاجم العربية ولاستعمال القران الكريم والحديث لهذا المفهوم وأصله ومشتقاته لا يكاد يعثر على الدلالات التي يحملها المفهوم في الفكر الغربي أو في الترجمة العربية له.
ب- إن مادة (أ - ص - ل) وما يرتبط بها من مشتقات كأصول وأصيل تشير كلها بصورة أو بأخرى إلى أول الشيء وبدايته. أما في مجال العلوم الإسلامية فيعد علم الأصول بمثابة العلم التأسيسي، أي العلم الذي يمكن من عملية الفهم، فعلم الأصول بالنسبة للفقه بمثابة المنطق بالنسبة لسائر العلوم الفلسفية، ومثل النحو بالنسبة لعلوم اللغة العربية. وبهذا المعنى فإن الأصولي هو العالم المشتغل بوضع المناهج والضوابط واستخراج القواعد الكلية عن طريق استقراء الأدلة المختلفة حيث يقدم خلاصة جهده للفقيه كى يوظفها في استنباط الأحكام الشرعية العملية من واقع أدلتها التفصيلية.
ج- إن القول بان "الأصولية" كمنهج فكرى يقوم على الانغلاق والإقصاء والعنف يجد أصوله في التجربة الحضارية الغربية لا يعنى أن التجربة التاريخية العربية الإسلامية في الماضي والحاضر قد سلمت من بعض أشكال "الأصولية" السلبية، من منطلق أن الحركات الأصولية تعد في المقام الأول حركات اجتماعية تقدم استجابات مختلفة للواقع المعاش، ومن تلك الاستجابات الميل إلى إلغاء الآخر على مستوى الخطاب أو إلى الانزلاق للعنف على مستوى الممارسة.
وتبعا لهذا التفسير السوسيولوجى فإن النزوع الأصولي لا يقتصر على الحركات الدينية وإنما يتعداها إلى كل حركة اجتماعية بما فيها الحركات العلمانية التي تتخذ أحيانا مواقف تتراوح بين إقصاء الغير والجمود النصي، وبين الانفتاح على الآخر والاستعداد للحوار معه.
د- إن التعامل مع ظاهرة الأصولية "الإسلامية" يجب أن يتم في إطار الوعي بأمرين، الأول محاولة توريث الإسلام عداء الغرب للشيوعية الذي خفت بانهيار الاتحاد السوفيتي. والآخر تجاهل أن المد الأصولي يشمل الديانات الثلاث من خلال ظاهرة صعود اليمين الجديد إلى السلطة أو ممارسته في القليل واحداً من أشكال التأثير عليها.
akram-ritaj- عضو جديد
- رسالة sms :
الهويات :
المهن :
الاعلام :
الجنس :
عدد الرسائل : 27
نقاط التميز : 15888
تاريخ التسجيل : 15/06/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس يناير 26, 2023 4:51 pm من طرف guerna noureddine
» حضارات ماقبل التاريخ
الخميس نوفمبر 16, 2017 5:36 pm من طرف بن عامر لخضر
» واد سوف على مر الزمان ثاني اكبر معلم تاريخي فالجزائر
الخميس نوفمبر 16, 2017 5:34 pm من طرف بن عامر لخضر
» من أقطابنا لبرج الغدير : زاوية سيدي احسن بلدية غيلاسة دائرة برج الغدير
الثلاثاء نوفمبر 14, 2017 6:38 pm من طرف بن عامر لخضر
» انتشار الامازيغ
الأحد أكتوبر 22, 2017 6:40 am من طرف بن عامر لخضر
» من اقطابنا لبرج الغدير: رحلة في ذكرى 8ماي1945( بئر ميشوبأولاد سي احمد )
السبت أكتوبر 21, 2017 5:56 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : منارة علم بقرية الدشرة ( مسجد الحاج الشريف )
الأحد أكتوبر 08, 2017 1:09 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : منارة علم بقرية الدشرة ( مسجد الحاج الشريف )
الأحد أكتوبر 08, 2017 12:57 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : معلم أثري يكاد يندثر ( الضريح الروماني ببرج الشميسة )
الإثنين أكتوبر 02, 2017 6:42 am من طرف بن عامر لخضر
» مجموعة أطروحات دكتوراه دولة في الإقتصاد.
الجمعة مارس 31, 2017 9:25 pm من طرف yacine ha
» بعض من مؤلفات الدكتور محمد الصغير غانم
الثلاثاء مارس 21, 2017 8:42 am من طرف cherifa cherifa
» ربح المال مجانا من الانترنت
السبت فبراير 25, 2017 9:15 am من طرف mounir moon
» موسوعة كتب الطبخ
الجمعة فبراير 24, 2017 4:43 pm من طرف mounir moon
» cours 3eme année vétérinaire
الجمعة فبراير 24, 2017 4:38 pm من طرف mounir moon
» اين انتم
الإثنين فبراير 13, 2017 2:47 pm من طرف guerna noureddine