لجان تقصى الحقائق في الجرائم الإسرائيلية إلى أين؟!

من طرف ثابت العمور الأربعاء يونيو 17, 2009 10:08 am

لجان تقصى الحقائق في الجرائم الإسرائيلية إلى أين؟!

كشفت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة جملة من الحقائق والدلائل والمسلمات، وأهم هذه الحقائق أن إسرائيل فوق الجميع وفوق القانون الدولي والمجتمع الدولي ومنظماته، وكشفت أن الفلسطينيون هم الطرف الأضعف وأن دمائهم وأرواحهم لم تدخل بعد القاموس الدولي بدليل أنه إلى الآن لم يتم الاتفاق والإجماع على تسمية الجرائم والممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، هل هي إبادة جماعية أم جرائم ضد الإنسانية أم جرائم حرب أم جريمة عدوان؟، وهذا يفتح المجال واسعا ويثير كثيرا من التساؤلات حول مستقبل التحقيقات و التقارير وإن كانت حقا تدين إسرائيل، وإن أدانتها فما هو العائد والمردود على الفلسطينيين؟، هل ستعيد لهم ما دمر وهل سيعوضون ؟، هل ينتظر الفلسطينيون من تقرير لجنة تقصى الحقائق أن ينصفهم أو أن يحيى شهدائهم ويعيد ما دمرته إسرائيل، أو أن يشفى الجرحى والمبتورة أطرافهم، إن شيئا من ذلك لم يحدث ولن يحدث.

وصل إلى غزة هذا الأسبوع وفد تقصي الحقائق حول الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة برئاسة ممثل الادعاء السابق في محكمة جرائم الحرب في رواندا ويوغسلافيا القاضي ريتشارد غولدستون، ويضم الوفد و15 خبيرا دوليا، وهم نخبة من القانونيين والحقوقيين من ذوي الخبرة العالمية من أجل التحقيق في جرائم الحرب التي اقترفتها إسرائيل في غزة.

وتضم اللجنة أيضا في عضويتها هينا جيلاني وهي عضو هيئة محلفين بباكستان والممثلة الخاصة سابقا للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون المدافعين عن حقوق الإنسان كما تم اختيار ديزموند ترافيرس وهو كولونيل سابق بالقوات المسلحة الايرلندية لينضم لعضوية اللجنة.
كما تضم اللجنة كريستين شينكين أستاذة القانون الدولي بجامعة لندن وكانت شينكين عضوا بلجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة في بيت حانون بغزة برئاسة الأسقف الجنوب أفريقي ديزموند توتو الحائز على جائزة نوبل للسلام.

هذه شخصيات لها وزنها ولها مكانتها وتجربتها ومشهود لها، ولكن في مكان غير هذا المكان، لأن هنا توجد إسرائيل التي أفشلت عمل اللجنة قبل أن تبدأ، ومنعتها من الدخول إلى غزة عبر معبر بيت حانون وهو أمر محبط ومشين ليست لأعضاء اللجنة فقط ولكن حتى بالنسبة للشعب الفلسطيني الذي لا ينتظر الكثير من هذه اللجنة، وكل ما يتمناه ويطالب به من المجتمع الدولي أن يستطيع إقناع إسرائيل بفتح المعابر، ورفع الحصار، وتمكين الناس من إعادة إعمار ما دمرته إسرائيل في حربها وعدوانها، ولا ينتظر الفلسطينيون أكثر من ذلك فهل تنجح اللجنة وينجح العالم في ذلك ويحقق للفلسطينيين غاية ما يتمنوه.

بالطبع لن تكون هذه اللجنة وهذا الوفد أوفر حظا من سابقاتها من اللجان والتقارير الأممية التي رغم إدانتها لإسرائيل لم تقدم للفلسطينيين شيئا يذكر، ولم تستطع ردع إسرائيل، وبالتالي سقطت قناعات عوام الناس في غزة من جدوى هذه اللجان وتقاريرها، وقد قدمت هذه اللجنة بعد انتهاء الحرب بما يزيد عن أربعة شهور في حين أن التحقيق في جرائم الحرب يتطلب أن يكون خلال العدوان أو عقب انتهائه مباشرة وليست بعد هذه المدة كلها. ولكن يبقى قدوم هذه اللجنة ووصولها لغزة جهدا يجب ألا يستهان به، خاصة في ظل الصمت العربي والفرجة الرسمية والشعبية، وبالتالي يجب أن توظف هذه اللجان وتقاريرها قدر المستطاع وتخرج جهودها للواقع وللعيان لإعادة الثقة في منظومة القانون الدولي والمجتمع الدولي، وألا يصور العالم بأنه غابة تستبيح فيها إسرائيل كل شيء.