هل يجوز للإنسان أن ينصب نفسه حكماً على غيره في كل المواقف ؟ ومتى يسوغ شرعاً للشخص أن يقول : هذا خبيث وهذا غير ذلك ؟
صفحة 1 من اصل 1
هل يجوز للإنسان أن ينصب نفسه حكماً على غيره في كل المواقف ؟ ومتى يسوغ شرعاً للشخص أن يقول : هذا خبيث وهذا غير ذلك ؟
لا يصلح للإنسان أن ينصِّب نفسه حكماً على الناس وينسى نفسه؛ بل على الإنسان أن ينظر إلى عيوب نفسه أولاً قبل أن ينظر إلى عيوب غيره .. لكن إن نصب المسلم نفسه ناصحاً لإخوانه آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر فهذا شيء طيب، ولا يقال: إنه نَصَّبَ نفسه حكماً على الناس، يقول تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}[الحـُجرَات، من الآية: 10]، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا" [1]، ويقول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِّرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِْثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المـَـائدة، من الآية: 2]، ويقول صلى الله عليه وسلم : "الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلْنَا: لِمَنْ ؟ قَالَ: للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ" [2]، ويقول صلى الله عليه وسلم : "لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"[3].
وعلى الإنسان أن يصلح نفسه أولاً ثم يحاول إصلاح الآخرين[4]؛ من باب محبة الخير لهم والنصيحة إليهم، وليس من باب تنقيص الآخرين أو التماس عيوبهم، فإن هذا هو ما نهى عنه الإسلام، وإنما في حب الخير لهم.
وبالنسبة لقول الإنسان: هذا خبيث وهذا غير ذلك .. فالإنسان المسلم لا يسوغ له شرعاً أن يقول ذلك في حق أخيه المسلم إلا إذا كان معروفاً بالانحراف ومعروفاً بالمقاصد السيئة، من يعرف حاله يجب عليه أن يقول ما يعلم عن خبثه وانحرافه إذا كان ذلك يترتب عليه مصلحة دينية؛ بأن يحذر الناس منه حتى يمكنهم مقاومة خطره. أما إذا قال ذلك لمجرد النيل منه أو لمجرد الذم فهذا لا يجوز؛ لأن هذا يصبح تعرضاً شخصياً لا مصلحة فيه .
ولا شك أن الحكم على الناس يحتاج إلى روية وتثبت .. فالإنسان لا يعتمد على ظنه - والله تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}[الحـُجرَات، من الآية: 12].
وكذلك يجب على الإنسان ألا يعتمد في هذا الموضوع على خبر فاسق؛ فالله تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ *}[الحـُجرَات]، ولهذا على المرء أن يتجنب الظنون السيئة ولا يحكم لمجرد ظنونه . وعليه ألا يقبل الأخبار ممن جاء بها بدون تمحيص وبدون تثبت، ولا يحكم على الناس إلا بموجب العلم الشرعي فإذا كان عنده علم شرعي فإنه يحكم بموجب ما ثبت لديه، أما إذا كان جاهلاً بالأحكام الشرعية فلا يجوز له الحكم على تصرفات الناس .
وعلى المرء ألا يخوض في هذه المجالات التي ليس له بها علم: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً *}[الإسـرَاء]، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِْثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ *}[الأعـرَاف].
فالذي ليس عنده علم لا يصدر الأحكام بمجرد ظنه أو مجرد رأيه أو ما تمليه عليه نفسه؛ بل عليه أن يتوقف لأن الأمر خطير جداً، ومن رمى مؤمناً بما ليس فيه أو وصفه بصفة لا تنطبق عليه فإن ذلك يرجع وباله عليه؛ كما جاء في الحديث: إِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ[5].
وكذلك لا يجوز للمسلم أن يقول لأخيه: يا فاسق، أو يا كافر، أو يا خبيث أو ما شابه ذلك من الألقاب السيئة؛ يقول الله تعالى: {وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَْلْقَابِ بِئْسَ الإِْسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِْيمَانِ}[الحـُجرَات: 11].
فالمسلم يجب عليه أن يتحفظ من هذه المجالات وأن يكون عنده علم وبصيرة يستطيع الحكم بها على نفسه أولاً، وعلى الناس ثانياً، كما أنه يجب أن تكون عنده تؤدة وتثبت وبعد نظر وعدم تسرع في الأمور.
____________________________________________________
[1] البخاري (2446)، ومسلم (2585) .
[2] مسلم (55) .
[3] البخاري (13)، ومسلم (45) .
[4] فإن ضعف عن إصلاح نفسه لم يُسقط هذا عنه واجب الأمر والنهي.
[5] أبو داود (4908)، والترمذي (1978) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وقال: «حسن غريب»، وأبو داود (4905) بنحوه من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه. وصححه الألباني في «صحيح أبي داود» (4099، 4102).
وعلى الإنسان أن يصلح نفسه أولاً ثم يحاول إصلاح الآخرين[4]؛ من باب محبة الخير لهم والنصيحة إليهم، وليس من باب تنقيص الآخرين أو التماس عيوبهم، فإن هذا هو ما نهى عنه الإسلام، وإنما في حب الخير لهم.
وبالنسبة لقول الإنسان: هذا خبيث وهذا غير ذلك .. فالإنسان المسلم لا يسوغ له شرعاً أن يقول ذلك في حق أخيه المسلم إلا إذا كان معروفاً بالانحراف ومعروفاً بالمقاصد السيئة، من يعرف حاله يجب عليه أن يقول ما يعلم عن خبثه وانحرافه إذا كان ذلك يترتب عليه مصلحة دينية؛ بأن يحذر الناس منه حتى يمكنهم مقاومة خطره. أما إذا قال ذلك لمجرد النيل منه أو لمجرد الذم فهذا لا يجوز؛ لأن هذا يصبح تعرضاً شخصياً لا مصلحة فيه .
ولا شك أن الحكم على الناس يحتاج إلى روية وتثبت .. فالإنسان لا يعتمد على ظنه - والله تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}[الحـُجرَات، من الآية: 12].
وكذلك يجب على الإنسان ألا يعتمد في هذا الموضوع على خبر فاسق؛ فالله تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ *}[الحـُجرَات]، ولهذا على المرء أن يتجنب الظنون السيئة ولا يحكم لمجرد ظنونه . وعليه ألا يقبل الأخبار ممن جاء بها بدون تمحيص وبدون تثبت، ولا يحكم على الناس إلا بموجب العلم الشرعي فإذا كان عنده علم شرعي فإنه يحكم بموجب ما ثبت لديه، أما إذا كان جاهلاً بالأحكام الشرعية فلا يجوز له الحكم على تصرفات الناس .
وعلى المرء ألا يخوض في هذه المجالات التي ليس له بها علم: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً *}[الإسـرَاء]، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِْثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ *}[الأعـرَاف].
فالذي ليس عنده علم لا يصدر الأحكام بمجرد ظنه أو مجرد رأيه أو ما تمليه عليه نفسه؛ بل عليه أن يتوقف لأن الأمر خطير جداً، ومن رمى مؤمناً بما ليس فيه أو وصفه بصفة لا تنطبق عليه فإن ذلك يرجع وباله عليه؛ كما جاء في الحديث: إِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ[5].
وكذلك لا يجوز للمسلم أن يقول لأخيه: يا فاسق، أو يا كافر، أو يا خبيث أو ما شابه ذلك من الألقاب السيئة؛ يقول الله تعالى: {وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَْلْقَابِ بِئْسَ الإِْسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِْيمَانِ}[الحـُجرَات: 11].
فالمسلم يجب عليه أن يتحفظ من هذه المجالات وأن يكون عنده علم وبصيرة يستطيع الحكم بها على نفسه أولاً، وعلى الناس ثانياً، كما أنه يجب أن تكون عنده تؤدة وتثبت وبعد نظر وعدم تسرع في الأمور.
____________________________________________________
[1] البخاري (2446)، ومسلم (2585) .
[2] مسلم (55) .
[3] البخاري (13)، ومسلم (45) .
[4] فإن ضعف عن إصلاح نفسه لم يُسقط هذا عنه واجب الأمر والنهي.
[5] أبو داود (4908)، والترمذي (1978) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وقال: «حسن غريب»، وأبو داود (4905) بنحوه من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه. وصححه الألباني في «صحيح أبي داود» (4099، 4102).
زائر- زائر
رد: هل يجوز للإنسان أن ينصب نفسه حكماً على غيره في كل المواقف ؟ ومتى يسوغ شرعاً للشخص أن يقول : هذا خبيث وهذا غير ذلك ؟
موضوع بغاية الروعه اخي
واتمنى ان نكون مسلمين ومتحابين في كل شيء وليس في بعض المواقف فقط
واتمنى ان نكون مسلمين ومتحابين في كل شيء وليس في بعض المواقف فقط
kellil mohamed- مشرف
-
رسالة sms :
الهويات :
المهن :
الاعلام :
الجنس :
عدد الرسائل : 1596
نقاط التميز : 18842
تاريخ التسجيل : 27/08/2008
رد: هل يجوز للإنسان أن ينصب نفسه حكماً على غيره في كل المواقف ؟ ومتى يسوغ شرعاً للشخص أن يقول : هذا خبيث وهذا غير ذلك ؟
شكرا خليل على المرور الطيب و الكلمة الطيبة صدقة ربي يخليك على طيبتك و حسن تعاملك معي
زائر- زائر
مواضيع مماثلة
» ...:مواضيع لا يجوز نشرها:....
» مجموعة أمثال ومتى تقال؟
» ماذا يعني أن يكون للإنسان مبدأ ؟؟
» من الذكاء أن تكون غبياً في بعض المواقف !!!!
» هل يجوز قول قبح الله وجهك للكافر
» مجموعة أمثال ومتى تقال؟
» ماذا يعني أن يكون للإنسان مبدأ ؟؟
» من الذكاء أن تكون غبياً في بعض المواقف !!!!
» هل يجوز قول قبح الله وجهك للكافر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس يناير 26, 2023 4:51 pm من طرف guerna noureddine
» حضارات ماقبل التاريخ
الخميس نوفمبر 16, 2017 5:36 pm من طرف بن عامر لخضر
» واد سوف على مر الزمان ثاني اكبر معلم تاريخي فالجزائر
الخميس نوفمبر 16, 2017 5:34 pm من طرف بن عامر لخضر
» من أقطابنا لبرج الغدير : زاوية سيدي احسن بلدية غيلاسة دائرة برج الغدير
الثلاثاء نوفمبر 14, 2017 6:38 pm من طرف بن عامر لخضر
» انتشار الامازيغ
الأحد أكتوبر 22, 2017 6:40 am من طرف بن عامر لخضر
» من اقطابنا لبرج الغدير: رحلة في ذكرى 8ماي1945( بئر ميشوبأولاد سي احمد )
السبت أكتوبر 21, 2017 5:56 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : منارة علم بقرية الدشرة ( مسجد الحاج الشريف )
الأحد أكتوبر 08, 2017 1:09 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : منارة علم بقرية الدشرة ( مسجد الحاج الشريف )
الأحد أكتوبر 08, 2017 12:57 pm من طرف بن عامر لخضر
» برج الغدير : معلم أثري يكاد يندثر ( الضريح الروماني ببرج الشميسة )
الإثنين أكتوبر 02, 2017 6:42 am من طرف بن عامر لخضر
» مجموعة أطروحات دكتوراه دولة في الإقتصاد.
الجمعة مارس 31, 2017 9:25 pm من طرف yacine ha
» بعض من مؤلفات الدكتور محمد الصغير غانم
الثلاثاء مارس 21, 2017 8:42 am من طرف cherifa cherifa
» ربح المال مجانا من الانترنت
السبت فبراير 25, 2017 9:15 am من طرف mounir moon
» موسوعة كتب الطبخ
الجمعة فبراير 24, 2017 4:43 pm من طرف mounir moon
» cours 3eme année vétérinaire
الجمعة فبراير 24, 2017 4:38 pm من طرف mounir moon
» اين انتم
الإثنين فبراير 13, 2017 2:47 pm من طرف guerna noureddine